الأحد، ١١ ديسمبر : القدّيس يوحنّا بولس الثاني
إنّ جوّ الصّمت الذي يرافق كل ما يتعلق بصورة يوسف يطال أيضًا عمله كنجّار في بيت النّاصرة. غير أنّه صمت يكشف بطريقة خاصة البعد الباطنيّ لهذه الشخصيّة. تتكلّم الأناجيل حصريًا عما “فعله” يوسف؛ غير أنّها تمكّننا من اكتشاف جوٍّ من التأمّل العميق في أفعاله المغلّفة بالصّمت. إذ كان يوسف في اتّصال يومّي بالسرّ الَّذي “ظَلَّ مًكْتومًا طَوالَ الدُّهَورِ والأَجيال” و”جعل مسكنَه” تحت سقفه (راجع كول 1: 26؛ يو 1: 14)… بما أنّ محبةّ يوسف الأبويةّ لم يكن باستطاعتها عدم التّأثير على محبّة الرّب يسوع البنويةّ وبما أنّ محبّة يسوع البنويّة في المقابل، لم يكن باستطاعتها أَلاّ تؤثّر على محبّة يوسف الأبويّة، فكيف التوصّل إلى إدراك ماهيّة هذه العلاقة الفريدة تمامًا في نوعها إدراكًا عميقًا؟ إنّ النّفوس الأكثر إحساسا بالحبّ الإلهي ترى بحقّ في يوسف مثالًا مشرقًا عن الحياة الباطنيّة. وعلاوةً على ذلك، فإنّ التّجاذب الظّاهر ما بين الحياة العمليّة والحياة التأمليّة قد تم تخطّيه في يوسف بطريقة مثاليّة، كما يمكن أن يحدث ذلك في مَن يملك كمال المحبّة. وبموجب الفارق المعلوم جيّدا ما بين حبّ الحقيقة ومقتضى الحبّ، يمكننا القول إنّ يوسف قد اختبر على حد سواه حبّ الحقيقة، أيّ الحب الطّاهر لتأمّل الحقيقة الإلهيّة التي كانت تشعّ من إنسانيّة الرّب يسوع المسيح، ومقتضى الحب، أيّ الحبّ، الطّاهر هو أيضًا، للخدمة، المُستلزم من قبل حماية ونمو هذه الإنسانيّة بالذّات.
maronite readings – rosary.team