الأحد، ١٧ سبتمبر : القدّيس ثيوفيلُس الأنطاكيّ
هذا الادّعاء لإبنيّ زبدى بالتميّز أشعر الرسل الآخرين بالإستياء. “فلمّا سَمِعَ العَشَرَةُ ذلكَ الكَلامَ اسْتاؤوا مِن يَعقوبَ ويوحَنّا”. كانوا لا يزالون خاضعين للضعف البشري ومستسلمين لإلهامات الشهوة؛ لكنّهم لم يظهروا نقمتهم إلاّ حين رفض الربّ طلب الرسولين. كانوا قد أخفوا هذه المشاعر حتّى تلك اللحظة، لأنّهم اعتقدوا أنّ يعقوب ويوحنّا كانا مميّزَين عند المخلّص. لكنّ الربّ وضع علاجًا مضاعَفًا على جراح نفوسهم: أوّلاّ، ناداهم ليواسيهم؛ ثانيًا، علّمهم أنّ هذه اللهفة للجلوس في الأماكن الأماميّة هي ميزة عند الوثنيّين: “تَعلَمونَ أنَّ الذينَ يُعَدّونَ رؤساءَ الأُمَمِ يَسودونَها، وأنَّ أكابِرَها يَتَسَلَّطونَ علَيها”. في الواقع، كان الملوك يحكمون عند الوثنيّين بطريقة مطلقة ومستبدّة: “فلَيسَ الأمرُ فيكم كذلك”. كما علّمهم أنّ مَن أراد أن يكون الأكبر، عليه أوّلاً أن يكون الأصغر، وأنّه لا يمكن أن يصبح أحد رئيسًا على الجميع إلاّ إن تحوّل إلى خادم عندهم. لذا، لم يكن مجديًا أن يظهر البعض ادّعاءات مبالغ فيها، وأن يستاء البعض الآخر من هذه الرغبات الطموحة، كون التواضع هو الذي يقود إلى كمال الفضائل، لا المراكز الأولى والقوّة. ثمّ ضرب لهم مثلاً ليشعرهم بالخجل: “لأنَّ ابنَ الإنسانِ لم يَأتِ لِيُخدَم، بل لِيَخدُمَ ويَفدِيَ بِنَفسِه جَماعةَ الناس”. في الواقع، أيّ أمر أروع وأسمى من أن نبذل حياتنا من أجل ذاك الذي أصبحنا له خدّامًا؟ لكنّ هذه الخدمة الطوعيّة، هذا التواضع المفرط أصبح مبدأ مجد جميع البشر، وليس المخلِّص فقط. قبل أن يصبح إنسانًا، كانت الملائكة وحدها تعرفه؛ بعد تجسّده وموته على الصليب، لم يتمجّد بمفرده، لكنّه جعلنا شركاء معه في هذا المجد، وحكم كسيّد على العالم كلّه من خلال الإيمان.
maronite readings – rosary.team