الأحد، ٢٣ مارس : الكردينال جوزف راتزنغر

ونحن نتأمّل في هذا المثل، علينا ألاّ ننسى شخصيّة الابن البكر. إلى حدٍّ ما، ليست هذه الشخصيّة أقلّ أهميّة من شخصيّة الابن الأصغر، لدرجة أنّه ربّما كان بإمكاننا تسمية هذا المثل “مثل الأخوَين”. مع صورة الأخوَين، يندرج هذا النصّ في قلب سلسلة كتابيّة طويلة، تبدأ مع قصّة قايين وهابيل، والتي تتكرّر مع الأخوَين إسحَق وإسماعيل مرّةً، ومع يعقوب وعيسو مرّةً أخرى، والتي أعادت أمثال يسوع تفسيرها. في أقوال يسوع، عكست صورة الأخوَين خاصّةً مشكلة علاقة إسرائيل بالوثنيّين… عندما اكتشف إسرائيل أنّ الوثنيّين مدعوّون بدون أن يخضعوا لإلزاميّة الشريعة، عبّر عن مرارته قائلاً: “ها إنّي أخدمكَ منذ سنين طوال، وما عصيتُ لكَ أمرًا قطّ”. في هذا الكلام: “يا بنيّ أنت معي دائمًا أبدًا، وجميع ما هو لي فهو لك”، تدعو مغفرةُ الله إسرائيلَ للدخول في فرح عودة الضالّين. لكنّ رمزيّة شخصيّة الابن البكر هي أوسع من ذلك. بمعنى من المعاني، هو يمثّل الناس المتديّنين، أي كلّ الذين بقوا مع الآب بدون أن يعصوا وصاياه. أثناء عودة الخاطئ، تستيقظ الغيرة، ذاك السمّ الذي كان حتّى الآن كامنًا في أعماق ذواتهم. لِمَ تلك الغيرة؟ فهي تُظهر أنّ الكثير من “المتديّنين” يخفون هم أيضًا في قلوبهم الرغبة في تلك البلاد البعيدة وإغراءاتها. تكشف الغيرة أنّ هؤلاء الأشخاص لم يفهموا حقيقةً جمال مسكنهم الوالديّ، ولم يفهموا السعادة الكامنة في قول “ما هو لي هو لك”، ولا الحريّة في أن يكونوا أبناء ومالكين. هكذا أيضًا يظهر أنّهم يرغبون في سعادة العيش في البلاد البعيدة… وفي النهاية، لم يدخلوا الحفلة؛ وبقوا خارجًا. تدفعنا شخصيّة الابن البكر إلى إجراء فحص للضمير؛ كما تسمح لنا أن نفهم إعادة تفسير الوصايا العشر في عظة الجبل (متى5: 28). ليس فقط الزنى الخارجيّة، إنّما أيضًا الزنى الداخليّة تبعدنا عن الله؛ بإمكاننا البقاء في البيت وفي الوقت نفسه الخروج منه. هكذا، علينا أيضًا أن نفهم فكرة “الغنى”، وبُنية العدالة المسيحيّة؛ إنّها تتلخّص بـ”لا” للغيرة و”نعم” للرحمة الإلهيّة.
maronite readings – rosary.team