الأربعاء، ١٦ أكتوبر : القدّيس يوحنّا بولس الثاني
يمكننا أن نجد “إنجيل العمل” في حياة الربّ يسوع المسيح وأمثاله، أي “في جَميعِ ما عَمِلَ يسوعُ وعلَّم” (أع 1: 1). على ضوء هذا النّور الساطع الصّادر من منبع الأنوار ذاته، ما انفكّت الكنيسة تُعلن التّعليم الّذي نجد له تعبيرًا عصريًّا في تعاليم المجمع الفاتيكاني الثاني: “كما أنّ الإنسان هو مصدرُ النشاط كذلك هو أيضًا غايته. فلا يحوّل الإنسان بعمله الأشياء والمجتمع فقط، إنّما يكتمل هو نفسه أيضًا. إنّه يكتسب أشياءَ جديدةً وينمّي مواهبه، فلا يبقى منكمشًا على ذاته بل يتفوّق عليها. وإنّ هذه الانطلاقة، إذا ما قادها الإنسان كما يجب، فاقت قيمتُها ما يمكن أن يكدّسه من خيراتٍ ماديّة… فالقاعدة للنشاط الإنساني هي: أن يكون مطابقًا لخير الإنسانيّة الحقّ وفقًا لتصميمِ الله وإرادته. كما عليه أن يتيحَ للإنسان، أعتبرناه فردًا أم عضوًا في جماعة، ما من شأنه أن يجعله مزدهرًا وفقًا لكمالِ دعوته (“فرح ورجاء” Gaudium et Spes، العدد 35). لذلك، ومن خلال مثل هذه النظرة لقيم العمل البشري، أي من خلال روحانيّة العمل هذه، نستطيع أن نفهم مليًّا ما ورد في الوثيقة المجمعيّة أعلاه، وذلك في معرض الكلام عن معنى التقدّم: “إنّ قيمة الإنسان هي في ذاته أكثر ممّا هي في مقتناه. وكذا القول عن كلّ ما يصنعه الإنسان لتسود العدالة أكثر ممّا هي عليه، وليزدادَ انتشار الإخوّة، ولَيسودَ نظام أكثر إنسانيّة في العلاقات الاجتماعيّة. فقيمة كلّ ذلك تفوق قيمة التقدم التقني. فإذا ما استطاع هذا التقدّم أن يوفّر أساسًا ماديًّا للرقي الإنساني، فإنّه يعجز عجزًا تامًّا عن تحقيقه” (“فرح ورجاء”، 35). مثل هذا التعليم في مشكلة التقدّم والإنماء، وهو موضع لا يزال يشغل فكر الناس في أيّامنا، لا يمكن فهمه إلاّ كثمرة تُجنى من التأمّل في روحانيّة العمل البشري، وانطلاقًا من هذه الروحانيّة وحدها يمكن إنجازه وإخراجه إلى حيّز الوجود…
maronite readings – rosary.team