الأربعاء، ٢٩ مايو : القدّيس أوغسطينُس
كما أنّ هناك نوعَين من الخوف ينتج عنهما نوعان من الخائفين، يوجد أيضًا نوعان من العبوديّة ينتج عنهما نوعان من الخدم. هناك الخوف الذي ينفيه وجود “المحبّة الكاملة” (راجع 1يو 4: 18)، وهناك أيضًا “مخافةُ الرَّبِّ الطاهِرَة الّتي تَثبُتُ لِلأَبد” (مز 19[18]: 10). كان الرسول يقصد النوع الأوّل من الخوف الخارج عن المحبّة عندما قال: “لم تَتلَقَّوا روحَ عُبودِيَّةٍ لِتَعودوا إِلى الخَوف” (رو 8: 15)، غير أنّه كان يقصد المخافة الطاهرة عندما قال: “لا تَتَكبَّرْ بل خَفْ” (رو 11: 20). فمع هذا الخوف الذي تطرده المحبّة خارجًا، هناك عبوديّة يجب أن تُطرد أيضًا مع الخوف. كان الربّ يفكّر في الخادم الذي ينتمي إلى هذه العبوديّة عندما قال: “لا أَدعوكم خَدَمًا بعدَ اليَوم لأَنَّ الخادِمَ لا يَعلَمُ ما يَعمَلُ سَيِّدُه. فَقَد دَعَوتُكم أَحِبَّائي لأَنِّي أَطلَعتُكم على كُلِّ ما سَمِعتُه مِن أَبي”. ومن الواضح أنّ الخادم المقصود هنا ليس ذلك الذي ينتمي إلى المخافة الطاهرة والذي قيل له: “أحسَنتَ أَيُّها الخادِمُ الصَّالِحُ الأَمين! كُنتَ أَميناً على القَليل، فسأُقيمُكَ على الكَثير: أُدخُلْ نَعيمَ سَيِّدِكَ” (مت 25: 21)، بل ذلك الذي ينتمي إلى الخوف الذي يجب أن تطرده المحبّة خارجًا والذي قيل له في موضع آخَر: “العَبدُ لا يُقيمُ في البَيتِ دائِماً أَبَداً بلِ الابنُ يُقيمُ فيه لِلأَبَد” (يو 8: 35). وبما أنّه “مكَّننا أن نصبح أبناء الله” (يو 1: 12)، فلا نَكُن خدمًا، بل أبناء، لكي نكون بطريقة رائعة تفوق الوصف، ولكن حقيقيّة، خدمًا وليس عبيدًا، أي خدمًا حسب المخافة الطاهرة التي ينتمي إليها الخادم الذي يدخل فرح سيّده، ولكن ليس عبيدًا بفعل الخوف الذي يجب أن تطرده المحبّة خارجًا مثل الخادم الذي لا يبقى في البيت إلى الأبد. فلنعلم أنّ الربّ هو من يجعل منّا خدمًا لا عبيدًا. ولكنّ الخادم الذي لا يعرف ما يعمله سيّده لا يعرف هذه الحقيقة لأنّه عندما يقوم بعمل حسن، يتباهى كما لو أنّ هذا كان بفضله لا بفضل الربّ، “فيفتخر” بنفسه ولا “يفتخر بالربّ” (1كور 1: 31). ولكن نحن يا أحبّائي، لكي نستطيع أن نكون أصدقاء الربّ، علينا أن نعرف ما الذي يقوم به ربّنا. في الواقع، إنّه هو الذي يجعل منّا ليس فقط بشرًا، بل أبرارًا، لا نحن أنفسنا (مز100[99]: 3). وفي الواقع، “لم نَنَل نحن روح العالم، بل نلنا الروح الذي أتى من الله لنعرف ما أنعم الله به علينا من المواهب” (1كور 2: 12). فمن خلاله يُعطى كلّ ما هو حسن. وبالتالي، بما أنّ ذلك (أي الرُّوح) حسن أيضًا، فمن خلاله بالتأكيد يُعطى لنا أن نعرف مصدر كلّ خير، لكي “مَن يفتخر، فليفتخر بالربّ” (1كور 1: 31)، بكلّ الخيرات.
maronite readings – rosary.team