الأربعاء، ٣٠ مارس : المجمع الفاتيكانيّ الثاني
إن الرّب يسوع المسيح “هو صُورَةُ اللهِ الَّذي لا يُرى وبِكْرُ كُلِّ خَليقَة” (كول 1: 15)؛ إنه الإنسان الكامل الذي رمَّمَ في ذرية آدم المثالَ الإلهي الذي شوَّهَته الخطيئة الأولى. لأنه هو الذي أخذَ الطبيعة البشرية دونَ أن يُلاشيها فرفَعَ هكذا طبيعتنا أيضًا إلى مرتبةٍ وكرامةٍ لا مثيلَ لهما. فبتجسُّدِهِ اتَّحَدَ ابن الله نوعًا ما بكلِّ إنسان. لقد اشتغل بيدي إنسانٍ وفكر كما يُفكر الإنسان وعمل بإرادة إنسانٍ وأحبَّ بقلبِ الإنسان. لقد وُلِدَ من العذراء مريم وصار حقًا واحدًا منا شبيهًا بنا في كلِّ شيء ما عدا الخطيئة (عب 4: 15) هو الحَمَلُ البريء الذي استحق لنا الحياةَ بدمِهِ الذي أراقه بملء الحرية. وبواسطته صالحنا الله مع ذاتِهِ ومع بعضِنا إذ انتزعنا من عبوديةِ الشيطان والخطيئة. إلى حدِّ أنه يمكن لكلٍّ منا أن يقول مع الرسول: إن ابن الله “أحبَّني وبذلَ ذاتَه لأجلي” (غل 2: 20) لقد تألَّمَ لأجلنا ولم يعطنا بذلك مثالاً فقط لنسير على خطاه، بل شقَّ لنا طريقًا جديدةً: إذا تبعناها تتقدس الحياة ويتقدَّسُ الموت فيكتسبان معنى جديدًا. وعندما يصبحُ المسيحي مطابِقًا لصورةِ الابن، البكر بين إخوةٍ كثيرين يقبلُ “بواكير الرُّوح” (رو 8: 23) التي تمنحه القوة ليُتمِّمَ الشريعة الجديدة، شريعةَ الحبِّ. وبواسطةِ هذا الرُّوح “عربون الميراث” (أف 1: 14) يتجدَّدُ الإنسان كلُّه باطنيًّا بانتظار “افتداء الجسد” (رو 8: 23) “وإن كان روحُ الذي أقام يسوعَ من بين الأموات ساكنًا فيكم، فالذي أقامَ يسوع المسيح من بين الأموات يُحيي أيضًا أجسادكم المائتة، بروحه الساكن فيكم” (رو 8: 11). هذه هي نوعيَّةُ سر الإنسان وعظمته. هذا السر الذي يوضحه الوحي المسيحي ويتلألأ أمام أعين المؤمنين. فبواسطةِ الرّب يسوع المسيح وفيه يتضح وينحل لغز الألم والموت، ذلك اللغز الذي يسحقُنا إن نظرنا إليه بمعزلٍ عن إنجيل الرّب يسوع المسيح. لقد قامَ الرّب يسوع المسيحُ وبموته غلب الموت وأعطانا الحياة بغزارةٍ (الليتورجيا البيزنطيّة) حتى، بعد أن أصبحنا أبناء في الابن، نصرخ في الرُّوح: أَبا، أيها الآب (راجع رو 8: 15).
maronite readings – rosary.team