الأربعاء، ٨ يونيو : القدّيس أوغسطينُس
شرَحَ يوحنّا الإنجيليّ السبب الذي دفع الربّ يسوع إلى أن يرفع صوته ويتحدّث عن الشراب الذي دعا إلى شربه وعمّا سيناله من يشرب منه: “وأَرادَ بِقَولِه الرُّوحَ الَّذي سيَنالُه المؤمِنونَ بِه” (يو 7: 39). عن أي روح يتكلّم غير الرُّوح القدس؟ لأن كلّ إنسان يمتلك في داخله روحه الخاص، وعن هذا الرُّوح تحدّثتُ حين كلّمتكم عن النّفس. إن نفس كلٍّ منّا هي في الواقع روحه الخاص، التي كتب عنها الرسول بولس: “فمَن مِنَ النَّاسِ يَعرِفُ ما في الإِنسانِ غَيرُ روحِ الإِنسانِ الَّذي فيه؟ وكذلِكَ ما مِن أَحَدٍ يَعرِفُ مما في اللهِ غيرُ رُوحِ الله” (1كور2: 11). لا أحد غير روحنا يعرف ما يحصل داخلنا: ففي الواقع، أنا لا أعرف فيمَ تُفكّر، وأنت لا تعرف فيمَ أفكّر، لأنّ ما نفكر فيه داخلنا ملك لنا، والروح هو الشاهد على هذه الأفكار. وكذلك ما من أحد يعرف ما في الله غير روح الله. نحن نعرف ما نعرفه بواسطة الروح، والله يعرف بواسطة روحه، ولكنّ الفرق هو أن الله يعرف بروحه ما فينا؛ أمّا نحن، فلا نعرف ما في الله من دون روحه. غير أنّ الله يعرف ما فينا، حتّى تلك الأمور التي لا نعرفها بأنفسنا، لأنّ بطرس تجاهل ضعفه حين سمع من الربّ أنّه سينكره ثلاث مرات (راجع مت 26: 33-35)، ذلك أنّ المريض لم يكن يدرك مرضه، ولكنّ الطبيب يعرف المريض. هناك إذاً أمور يعرفها الله عنّا نجهلها نحن عن أنفسنا. ولكن إذا ما عدنا لنتحدّث عن البشر، لا أحد يعرف ما في الإنسان غير الإنسان نفسه؛ ومن البشر مَن لا يعرف ما فيه ولكنّ روحه يعرف ذلك. حين حصلنا على روح الله، تعلّمنا أيضًا ما في الله، ولكن ليس كلّ شيء، لأنّنا لم نحصل على الروح بكليّته. نحن نعرف الكثير بفضل الضمانة التي حصلنا عليها، لأنّنا حصلنا الآن على ضمانة، إنّما سوف نحصل على الكمال الذي يعدنا به لاحقًا. وبانتظار أن تكون هذه الضمانة عزاءً لنا خلال هذا المنفى، لأنّ مَن تنازل ليعطينا هذه الضمانة جاهز ليعطينا الكثير. إذا كانت الودائع بهذه العظمة، فكم بالحريّ ما تمثّله هذه الودائع؟
maronite readings – rosary.team