الاثنين، ٢٢ مايو : القدّيس أوغسطينُس
لقد توقّع الربّ يسوع أنّ موته سوف يُغرِق تلاميذه في حزن عميق، ولذلك شرح لهم عقيدة الصليب الكاملة وكأنّه كان يقول لهم: لا يكفي أن تتحمّلوا موتي بصبر، فإن لم تموتوا أنتم بذاتكم فليس لديكم أي ثمرة تأملونها من موتي. يمكننا فهم عبارة “مَنْ يُحِبُّ نَفْسَهُ يَفْقِدُهَا” بطريقتين؛ الأولى: إن كنت تحبّ نفسك حقًّا لا تتردّد في فقدانها، وإذا كنت ترغب في الحصول على الحياة في الرّب يسوع المسيح، لا تخف أن تعاني الموت من أجله. والثانية: لا تحبّوا أنفسكم في هذه الحياة كي لا تخسروها في الحياة الأبديّة. وهذا التفسير الثاني هو أكثر تناسقًا مع سياق النصّ الإنجيلي بمجمله، حيث نقرأ فيما بعد: “ومَنْ يُبْغِضُهَا في هذَا العَالَمِ يَحْفَظُهَا لِحَيَاةٍ أَبَدِيَّة”… إنّ سياق العبارة السابقة “مَن يحب” يعني في هذا العالم. فمَن يحبّ نفسه في هذا العالم، هو من يشبع رغباته الشريرة؛ ومَن يُبغِض نفسه هو مَن يقاوم رغباته الآثمة. ونلاحظ أنّ ربّنا لم يقل “الذي لا يستسلم لرغبات نفسه” بل “مَنْ يُبْغِضُهَا”. لأنّه عندما نكنّ البغض لشخص ما، لا يمكننا سماع صوته وحضوره يزعجنا. وهكذا عندما تقترح نفسنا علينا أفكار مخالفة لشريعة الله، يجب علينا أن نرفضها بقرف. ويبدو شرط بُغض النفس صعبًا جدًّا، لذلك يخفّف المخلّص من هذا الواجب القاسي مضيفًا “في هذا العالم”، فتعلن هذه الكلمات عن الفترة الوجيزة للاختبار، فهو لا يوصينا أن نُبغِض نفسنا إلى الأبد، ويُعلِمُنا بمكافأة هذه التضحية: “سوف يحفظها للحياة الأبديّة”. ولكن احذروا الانغماس في فكرة قتل أنفسكم من خلال تفسيركم الخاطئ لمبدأ “يجب أن تُبغِض نفسك في هذا العالم” لأنّ بعض الناس المنحرفين والضالّين يفهمونه على طريقتهم، فيرتكبون جرائم قتل ويلقون حتفهم عن طريق إلقاء أنفسهم في النار أو خنق أنفسهم في الماء أو برمي أنفسهم من مكان عال. وليس هذا ما علّمه الربّ يسوع المسيح، على العكس من ذلك، عندما قاد الشريرالرّب يسوع إلى شرفة الـهيكل وقال له: “إن كُنتَ ابنَ الله، فأَلْقِ بِنَفْسِكَ مِن ههُنا إِلى الأَسفَل” (لو 4: 13). أجابه الرّب يسوع : “اذهب، يا شيطان”. ولذلك عندما يكون أمامكم الخيار بين معصية أمر الله والتخلّي عن هذه الحياة عندما تهدّدون بالقتل من قبل مُضطهد، عليكم في ذلك الحين أن تكرهوا أنفسكم في هذا العالم للحفاظ عليها في الحياة الأبديّة.
maronite readings – rosary.team