الاثنين، ٣٠ مايو : القدّيس أوغسطينُس
ما أعظمَ هذه الحكمة وما أعجبَها! كيفَ لإنسانٍ أن يحبَّ حياتَه فيفقدَها أو أن يبغضَ حياتَه فلا تتلاشى أو تهلك؟ إذا أحببتَ بطريقةٍ خاطئة فما أنتَ سوى إنسان يُبغض، وإذا أبغضتَ بطريقةٍ صحيحة، فما أنتَ سوى إنسان يحبّ. طوبى لمن يُبغضون النفسَ فيحفظونها كي لا يفقدوها بحبّهم الخاطئ لها! ولكن احذر من أن تنسلَّ إلى أعماقك الرغبةُ في الموت بعد أن تدركَ خطأً بأنّه يتوجّب عليك أن تبغضَ حياتك في هذا العالم. وبالفعل، بسبب هذا الفهم الخاطئ، يستحيلُ بعضُ الأشرار، المنحرفين والفاسدين، مجرمينَ وحشيّين بحقِّ أنفسهم، فيسلّمون أجسادَهم للنيران، ويغرقون في المياه ويتحطّمون ويقبعون في الهوّة ويهلكون. ولكن ليسَ هذا ما أرادَ المسيحُ أن يعلّمنا إيّاه، بل العكس تمامًا؛ فقد أجابَ الشيطانَ الذي اقترحَ عليه “إن كنتَ ابنَ الله فألقِ بنفسك إلى الأسفل”، قائلاً: “اذهب يا شيطان! لأنّه مكتوب: لا تجرّبَنَّ الربَّ إلهك” (مت 4: 7+10) وقالَ الرّب يسوع أيضًا لبطرس، “مشيراً إلى الميتة التي سيمجّد بها الله: لمّا كنتَ شابًّا، كنتَ تتزنّرُ بيديك، وتسيرُ إلى حيث تشاء، فإذا شختَ بسطتَ يديك، وشدَّ غيرُك لكَ الزنّار، ومضى بكَ إلى حيثُ لا تشاء”. وأوضحَ جليًّا بأنَّ من يتبع المسيح سيموت إلاّ أنّه لن يُهلكَ نفسَه بنفسِه بل سيموتُ على يدِ آخرين. عندما يحينُ موعدُ الرحيل ويُطرح أمام الإنسان خياران، فإمّا الخروج عن تعاليم الله ووصاياه أو الرحيل عن هذا العالم، ويرزحُ المرءُ مُجبرًا على الاختيار تحت تهديد الموت، يجب عليه أن يؤثرَ الموتَ حبًّا بالرّب يسوع لمسيح بدلاً من أن يعيشَ بالخطيئةِ بعيدًا عنه. وبذلك، يجب عليه أن يبغضَ حياته في هذا العالم حتّى يحفظها للحياة الأبديّة.
maronite readings – rosary.team