الاثنين، ٣١ يوليو : القدّيس غريغوريوس الكبير
بما أنّنا نحتفل اليوم بعيد شهيد، أيّها الإخوة، دعونا نمعن النظر في أشكال الصبر الذي اتّبعه. لأنّنا إذا سعينا بمعونة الربّ إلى المحافظة على هذه الفضيلة، سنحظى لا محالة بإكليل الشهادة، حتّى وإن كنّا نعيش في سلام الكنيسة. ذلك أنّ الشهداء نوعان: أحدهما يمتاز باستعداد النّفس، بينما الآخر يجمع استعداد النفس مع الأعمال الخارجيّة. لذلك يمكننا أن نكون شهداء حتّى وإن لم نمت بحدّ سيف الجلاّد. فالموت على أيدي المضطهدين، هو الشهادة بالفعل، بشكلها المرئيّ؛ أمّا مَن يتحمّل الشتائم، ويظهر المحبّة لمَن يكنّ له الكراهيّة، فهو الشهيد بالرُّوح، بشكله المتخفّي. يشهد الحقّ إذًا على وجود نوعين من الشهداء، أوّلهما متخفٍّ والآخر معروف، من خلال السؤال الموجّه إلى ابنيّ زبدى: “أَتستطيعانِ أَن تَشرَبا الكأَسَ الَّتي سَأَشرَبُها؟ قالا لَه: نَستَطيع. فقالَ لَهما: أَمَّا كَأَسي فسَوفَ تَشرَبانِها، وأَمَّا الجُلوسُ عن يَميني وعن شِمالي، فلَيسَ لي أَن أَمنَحَه، بل هو لِلَّذِينَ أَعدَّه لَهم أَبي” (مت 20: 22-23). وماذا تعني هذه الكأس غير معاناة الآلام التي يقول عنها في مكان آخر: “يا أَبتِ، إِن أَمكَنَ الأَمْرُ، فَلتَبتَعِدْ عَنِّي هذهِ الكَأس” (مت 26: 39). إنّ ابنيّ زبدى أي يعقوب ويوحنّا لم يموتا كلاهما ميتة الشهداء، ولكن مع ذلك، قيل لهما إنّهما سيشربان الكأس. لم يمت يوحنّا شهيدًا، ومع ذلك فقد كان شهيدًا، لأنّ الآلام التي لم يعانِها بجسده قد ألمّت بنفسه. يجب علينا إذًا أن نستنتج من هذا المثل أنّه بإمكاننا نحن أيضًا أن نكون شهداء من دون أن نمرّ تحت حدّ سيف الجلاّد، إذا حافظنا على الصبر في نفسنا.
maronite readings – rosary.team