الاثنين، ٨ مايو : بِندِكتُس السادس عشر، بابا روما من 2005 إلى 2013
إنّ كان هناك من ميزة تطغى على كتابات القدّيس يوحنا، فهي المحبّة… بالتّأكيد، لم يكن القدّيس يوحنا الكاتب الوحيد من كتّاب البدايات المسيحيّة الّذي تكلّم في المحبّة. ولأنّ المحبّة هي مقوّم أساسيّ في المسيحيّة، يتكلّم عنها جميع كتّاب العهد الجديد وإن كان بنبرات مختلفة. إن كنّا نأخذ الآن وقتنا للتفكير بهذا الموضوع عند القدّيس يوحنّا فذلك لأنّه قد خطّ لنا بشيء من الإلحاح وبشكل حاسم الخطوط الأساسيّة لهذا الموضوع. سنكتفي الآن بالتركيز على كلماته. هناك أمر أكيد وهو أنّ يوحنّا لم يؤلّف مقالة مجرّدة فلسفيّة ولا حتّى لاهوتيّة عن ماهيّة المحبّة. لا، إنّ القدّيس يوحنّا ليس بمُنَظّر. في الواقع، لا يمكن للمحبّة الحقيقيّة بطبيعتها أن تكون حصرًا تنظيريّة لكنّها تعود بشكل مباشر وملموس وقابل للتحقق إلى أشخاص واقعيّين. والواقع أنّ يوحنّا، كرسول وصديق للرّب يسوع، مَكَّنَنَا من أن نتلمّس ما هي مقوّمات المحبّة أو بالأحرى مراحل المحبّة المسيحيّة. تتعلق المقوّمة الأولى بمصدر المحبّة ذاته الذي يحدّده الرسول في الله مؤكّدا أنّ “اللهَ مَحَبَّة” (1يو 4: 16). فيوحنا، هو الكاتب الوحيد في العهد الجديد الذي يقدّم لنا ما يشبه التّعريف عن لله، فيقول مثلا:” إنّ الله روحٌ” (يو 4: 24) وأنّ “الله نور” (1يو 1: 15). وهنا بحدس ثاقب يعلن “إنَّ اللهَ مَحَبَّة”. فلننتبه جيّدًا، فهو لم يعلن ببساطة أنّ “الله يحبّ” ولا أنّ “المحبّة هي الله”. أو بكلام آخر، لم يكتفِ يوحنّا بوصف الفعل الإلهيّ، بل مضى إلى الأصل. لا بل أكثر فهو لا يريد أن ينسب قيمة إلهيّة لمحبّة عامّة وربّما غير شخصيّة. وهو لم يرتقِ من المحبّة إلى الله، إنّما توجّه مباشرةً نحو الله، ليُعَرِّف طبيعته من خلال البعد اللامتناهي للمحبّة. وبذلك، أراد يوحنّا أن يقول إن المقوّم الأساسيّ لله هو المحبّة، وبالتالي فإنّ كلّ فعلِ إلهيّ يولد من المحبّة وهو مطبوع فيها. إنّ كل ما يصنعه الله، يصنعه بمحبّة، وبواسطة المحبّة، وإنْ صَعُبَ علينا أن نفهم في الحال ماهيّة المحبّة، المحبّة الحقيقيّة.
maronite readings – rosary.team