الثلاثاء، ١٤ يونيو : الطوباويّ يوحنّا هنري نِيومَن
صحيح أنّ الرّب يسوع كان قد رحل عن الرّسل، إلاّ أنّهم كانوا يفيضون بالسَّلام والفرح، حتّى أكثر من الوقت الذي كان فيه معهم. ولكنّ فرحهم وسلامهم لم يكن “كما يُعطِي العالَم” (يو 14: 27)، بل كان الفرح والسّلام الذي يعطيه هو، والنابع من الألم والحزن. ذلك هو الفرح الذي تلقّاه متِّيا عندما أصبح رسولاً. أمّا الرّسل الآخرون، فقد تمّ اختيارهم منذ طفولتهم ليكونوا ورثة الملكوت، ولكن ليكونوا أيضًا “في حُكْمِ الأوصِياءِ والوُكَلاءِ” (غل 4: 2). صحيح أنّهم كانوا رسلاً بحقّ، إلاّ أنّهم لم يكونوا مدركين بعد لحقيقة دعوتهم. فكانت تراودهم أفكارٌ من الطموح البشري ورغبةٌ بأن يكنزوا لأنفسهم الثروات، وكان ذلك مقبولاً لديهم في مرحلة معيّنة… أمّا القدّيس متِّيا، فقد دخل في ذلك الإرث منذ اللحظة الأولى. فما إن تمّ اختياره، حمل متِّيا على عاتقه فدية الحياة الرسوليّة، إضافة إلى السلطة الرسوليّة. ولم يعد أيّ حلم بنجاح بشريّ يستطيع بعدئذٍ أن يلامس ذلك العرش الذي ارتفع فوق قبر يهوذا، ذلك التلميذ الساقط، في ظلّ صليب المسيح الذي خانه تلميذه. نعم، يمكن أن يكرّر القدّيس متِّيا اليوم على مسامعنا ما قاله ربّنا: “احمِلوا نيري وتَتَلمَذوا لي” (مت 11: 29). لأنّه قد حمل هذا النّير منذ تلك اللحظة. فمنذ “شبابه الرسولي”، حمل متِّيا نير الرّب يسوع. ولم يتأخّر في خوض غمار صومه الكبير حيث وجد الفرح… “مَن أَرادَ أَن يَتبَعَني، فَليَزهَدْ في نَفْسِه ويَحمِلْ صليبَه ويَتبَعْني” (مت 16: 24). إنّ المجيء إلى الرّب يسوع يعني السيرَ على خطاه، وحمل صليبه كما يعني حَمل نيره أيضًا. وإن كان الرّب يسوع المسيح قد قال لنا إنّ النّير خفيفٌ، فذلك لأنّه نيره هو، وهو الذي جعله خفيفًا من دون أن يغيّر طبيعة النّير الذي يبقى نيرًا… ولا نفكّرنّ أنّ هذه الحياة “تحت النّير” تفتقر إلى الفرح. فقد قال الرَّب يسوع: “نيري خفيفٌ”. إنّها النعمة التي تجعله خفيفًا لأنّه في الحقيقة يبقى في غاية القساوة: فهو صليب.
maronite readings – rosary.team