الثلاثاء، ١٦ يناير : القدّيس أنَسطاس الأنطاكي، راهب ثمّ بطريرك أنطاكية من 549 إلى 570
“ها نَحنُ صاعِدونَ إِلى أُورَشَليم، فابنُ الإِنسانِ يُسلَمُ إِلى عُظَماءِ الكَهَنَةِ والكَتَبة، فيَحكُمونَ عليه بِالموت ويُسلِمونَه إِلى الوَثنيِّين، لِيَسخَروا مِنهُ ويَجلدِوهُ ويَصلِبوه، وفي اليومِ الثَّالثِ يَقوم” (مت 20: 18). أعلن الرّب يسوع المسيح بقوله هذا إلى تلاميذه ما كان يتوافق مع نبوءات الأنبياء لأنّهم كانوا قد تنبّأوا بموته الذي كان سيحصل في أورشليم… نحن نفهم لماذا كان على كلمة الله أن يعاني آلام الجلجلة، هو الذي ما كان يمكن أن يتألّم بطريقة أخرى؛ لأنّ الإنسان ما كان ليخلص بغير هذا السبيل. هو وحده عرف ذلك، ومَن كشف لهم عن ذلك. والحقيقة أنّه عرف كلّ ما يأتي من الآب؛ إذ إن “الرُّوحَ يَفحَصُ عن كُلِّ شَيء حتَّى عن أَعماقِ الله (1كور 2: 10). “أَما كانَ يَجِبُ على المَسيحِ أَن يُعانِيَ تِلكَ الآلام فيَدخُلَ في مَجدِه؟” (لو 24: 26). لقد كان من المستحيل ألاّ تحدث الآلام، كما أكّد الرّب يسوع بنفسه عندما سمّى التّلميذين “قَليلَيِ الفَهمِ وبطيئَيِ القَلْبِ عن الإِيمانِ بِكُلِّ ما تَكَلَّمَ بِه الأَنبِياء”(لو 24: 25)، كونهما لم يعرفا بأنّ “على المَسيحِ أَن يُعانِيَ تِلكَ الآلام فيَدخُلَ في مَجدِه”. والحقيقة أنّه أتى ليخلّص شعبه، وتخلّى “عمّا كانَ له مِنَ المَجدِ عِندَ الآبِ قَبلَ أَن يَكونَ العالَم” (يو 17: 5). هذا الخلاص كان الكمال الذي يجب أن يتمّ بالآلام، والذي سيُمنح لخاق حياتنا، وفق تعاليم القدّيس بولس: “كانَ يَحسُنُ به أَن يَجعَلَ مُبدِئَ خَلاصِهم مُكَمَّلاً بِالآلام” (عب 2: 10). نرى كيف أنّ مجد الابن الوحيد، الذي حُجب عنه خلال فترة وجيزة لصالحنا، أعيد له على الصليب في الجسد الذي أخذه. نقل القدّيس يوحنّا في إنجيله عن الرّب يسوع قوله: “مَن آمنَ بي… ستَجْري مِن جَوفِه أَنهارٌ مِنَ الماءِ الحَيّ وأَرادَ بِقَولِه الرُّوحَ الَّذي سيَنالُه المؤمِنونَ بِه، فلَم يكُنْ هُناكَ بَعدُ مِن رُوح، لأَنَّ يسوعَ لم يَكُنْ قد مُجِّد (يو 7: 38-39). ما سمّاه مجده هو موته على الصليب. لذلك، عندما كان يصلّي قبل أن يوضع على الصليب، طلب الربّ يسوع من الآب أن يعطيه “ما كانَ له مِنَ المَجدِ عِندَ الآبِ قَبلَ أَن يَكونَ العالَم”.
maronite readings – rosary.team