الثلاثاء، ١٩ نوفمبر : القدّيس قيصاريوس
في ممرا، دنا ثلاثة رجال من إبراهيم ووقفوا بالقرب منه (راجع تك 18). تصوّروا المشهد: وقفوا من فوقه وليس أمامه. كان ابراهيم قد خضع لمشيئة الله، وهذا ما يبرهنه وجودُ الله فوقه. إذًا، هم لا يقفوا أمامه ليردعوه، بل فوقه ليحموه. استقبل إبراهيم الرجال الثلاثة وقدّم لهم ثلاثة أصواع من الخبز. أيّ شرح نعطيه لذلك، يا إخوتي، سوى أنّه عرف سرّ الثالوث الأقدس؟ أحضر أيضًا عِجلاً، ليس قاسيًا، بل “رَخصًا طيّبًا”. ليكون طيّبًا ورخصًا إلى هذا الحدّ، لا يمكن أن يكون سوى ذلك الّذي اتّضع من أجلنا حتّى الموت، أي الرّب يسوع المسيح. إنّه فعلاً هو، هذا “العِجْل المُسَمَّن” الّذي ذبحه الأب احتفالاً بعودة الابن الضّال (راجع لو 15: 23)، “فإِنَّ اللهَ أَحبَّ العالَمَ حتَّى إِنَّه جادَ بِابنِه الوَحيد” (يو 3: 16). بادر إبراهيم إذًا إلى لقاء الرجال الثلاثة، غير أنّ مَن عبَدَه واحد… كما سبق وقلت، نرى هنا سرّ الثالوث الأقدس؛ إن كان قد سجد كما لو أنّ هناك شخص واحد، فلأنّه كان يعلم بأنّ الله واحد في ثلاثة أقانيم. توجّه إلى شخص واحد عندما قال: “فلا تَجُز عن عبدِك” (تك 18: 3)؛ لكنّه أضاف، ليجعلنا نعتقد أنّه يخاطب عدّة أشخاص: “فيُقَدَّمَ لكم قَليلٌ مِنَ الماء فتَغسِلونَ أرجُلَكم وتَستَريحونَ تَحتَ الشَّجَرة” (تك 18: 4). ليكن الطوباويّ إبراهيم مثالاً لكم، يا إخوتي، لكي تستقبلوا ضيوفكم بلطف، وتغسلوا أرجلهم بتواضع واحترام… لا تتجاهلوا هذا الكلام، يا إخوتي، أنتم الّذين لا تريدون أن تظهروا مضيافين، أنتم الّذين تستقبلون ضيفكم كعدوّ. في الواقع، بسبب ضيافته، استحقّ الطوباويّ ابراهيم أن يستقبل الله ذاته باستقباله هؤلاء الرجال الثلاثة. وأكّد الرّب يسوع المسيح على ذلك عندما قال في الإنجيل: “كنت غريبًا فآويتموني” (مت 25: 35). لا تهملوا إذًا المسافرين، خشية أن يكون الله ذاته مَن ترفضون استقباله.
maronite readings – rosary.team