الثلاثاء، ٢٥ يناير : القدّيس أفرام السريانيّ
كان أولئك الناس مستعدّين للعمل، لكن “لم يستأجرهم أحد”؛ كانوا كادحين، ولكن باطلين عن العمل بسبب عدم وجود عمل وربّ عمل. ثمّ أتى صوتٌ ليستأجرهم، وكلمة لتضعهم على الطريق؛ وبسبب حماسهم، لم يتّفقوا على أجرتهم من البدء كالأوّلين. لقد قيّم الرّبّ عملهم بحكمة ودفع لهم أجرهم بمقدار ما دفع للآخَرين. لقد أعطى ربّنا هذا المثل لئلاّ يقول أحد: “بما أنّي لم أُدعَ في صِباي، فلا يمكن أن أُقبَل”. وبذلك أظهر الرّب أنّ كلّ إنسان مُرَحَّبٌ به، مهما كان وقت ارتداده… فالرّب قد “خَرَجَ مَعَ الفَجْرِ… ثُمَّ خَرَجَ نَحوَ السَّاعةِ التَّاسِعة… ثُمَّ نَحوَ الثَّالِثَةِ بَعدَ الظُّهْر… وخَرَجَ نَحوَ الخامِسةِ بَعدَ الظُّهْر”: نستطيع فهم ذلك على النّحو التّالي: في بداية بشارته، ثمّ من خلال حياته ثم على الصليب، لأنّه في “الخامِسةِ بَعدَ الظُّهْر” دخل اللصّ الفردوس (راجع لو 23: 43). ولئلاّ نحكم على اللصّ، يؤكّد ربُّنا حُسنَ إرادته: لو استأجره أحد، لكان عمل، ولكن “لم يستأجره أحد”. إنّ ما نعطيه للربّ، إنّما هو فعلاً غير لائق به وما يعطينا إيّاه يفوق بكثير ما نستحقّه. إنّنا نُستَأجَرُ للقيام بعمل يتناسب مع قوانا، ولكن يُقدَّم لنا أجر لا يتناسب معه البتّة… إنّ الربّ يتصرّف بالطريقة نفسها مع الأوّلين والآخرين؛ “وأَخَذَ كُلٌّ مِنهُم دينارًا” تحمل صورة الملك. كلّ ذلك يشير إلى خبز الحياة (يو 6: 35)، الّذي هو نفسه للجميع؛ إنّ الدواء المعطي الحياة هو نفسه لكلّ الّذين يتناولونه. في عمل الكرم هذا، لا نستطيع أن نلوم الربّ على طيبته، ولا نجد أيّ شيء خاطئ في استقامته. فباستقامته، أعطى ما كان قد اتُّفِق عليه، وبطيبته، أظهر نفسه رحومًا كما أراد. لقد أعطى ربّنا هذا المثل لكي يعلّمنا هذا الأمر، واختصر ذلك بهذه الكلمات: “أَلا يحقّ لي أَن أَتصرَّفَ كما أَشاء في بيتي؟”.
maronite readings – rosary.team