الثلاثاء، ٢٧ ديسمبر : القدّيس يوحنّا الذهبيّ الفم
توجَّهَ المخلِّص إلى مدينة أورشليم ذاتها بهدف تعليم المُستَمعين إليه: “أورشليم، أورشليم”، تكرار عبَّرَ عن كامل رحمتِه وحبِّه… لقد أنبأ بدمار هذه المدينة وبالآلام التي سوف يُسبِّبها لها الرومان، كما تذكّر في الوقت عينه، دماء الشهداء التي سُفِكَتْ والتي سوف تُسفَك بعد. لذا، أضافَ قائلاً: “يا قاتِلَةَ الأنبياء وراجِمَةَ المُرسَلينَ إليكِ”… كيف يمكنكِ أن تَخلُصي يومًا، ما دُمْتِ لا تسمحينَ لأيّ طبيب بالوصول إليك؟… وهو لم يقُلْ لها: “أنتِ التي قَتلْتِ أو أنتِ التي رَجمْتِ” بل “أنتِ يا قاتِلَةَ ويا راجِمَةَ” أي إنّكِ بطَبيعتِكِ قاتِلَة وراجِمَة للقدّيسين. في الواقع، لقد عامَلَتْ الرسل كما عامَلَتْ الأنبياء سابقًا. بعد أن توجَّهَ إلى تلك المدينة القاتِلَة وبعد أن كشفَ لها عن شناعة الجرائم التي ارتكبَتْها، أضافَ المخلِّص قائلاً كمَن يعتذر: “كم مَرَّةٍ أرَدْتُ أن أجمَعَ أبناءَكِ!” وكأنّه كان يقول: “أنتِ لم تَفلَحي بإطفاء شعلة حبّي لك من خلال ارتكاب تلك الجرائم كلّها، بل أردْتُ أن أضمَّكِ إليّ بطريقة حميمة، ليس لمرّة أو لمرّتين، لكن بمناسبات عدّة”. وليُعبِّرَ لها عن عظمةِ حنانِه، لم يَترَدَّد في تشبيه نفسِه بالدجاجة. ثمّ تَنبّأ لهم بالعقاب الذي لطالما كانوا يَخشَونَه، دمار الهيكل والمدينة: “هُوَذا بَيتُكم يُترَكُ لكم قَفْرًا”. كما أنّ الجسد يبردُ ويَنتَن ويتحلَّل بعد انفصالِه عن النفس، هكذا الأمر بالنّسبة لهيكلنا الداخلي الذي ستعمّه الاضطرابات والعصيان حتّى دماره الكامل بعد انفصاله عن الروح القدس.
maronite readings – rosary.team