الثلاثاء، ٢٨ نوفمبر : القدّيس يوحنّا الذهبيّ الفم
قال الرّب يسوع: “أَحمَدُكَ يا أَبَتِ، رَبَّ السَّمَواتِ والأَرض، على أَنَّكَ أَخفَيتَ هذه الأَشياءَ على الحُكَماءِ والأَذكِياء”… كيف هذا؟ هل يفرح الرّب لخسارة أولئك الذين لا يؤمنون به؟ لا على الإطلاق: آه كم يستحّق تصميم الله لخلاص البشر الإعجاب! فهم عندما يعترضون على الحقيقة، ويرفضون أن يتلقّوها، لا يقوم الله أبدًا على إجبارهم بل يتركهم على سجيّتهم. فإن تشرَّدهم يقودهم ويُعيدهم إلى الطريق، وهم إذ يعودون إلى ذاتهم يسعون بشغف إلى النعمة الآتية من الدعوة إلى الإيمان والتي سبق واحتقروها في البداية. أما أولئك الذين بقُوا أوفياء لهذه النعمة، فإن ورعهم يظهر شديدًا أكثر فأكثر. إنّ الرّب يسوع المسيح يفرح إذًا بأن تٌكشف هذه الأمور إلى البعض ولكنه يحزن لكونها تبقى مخفية عن البعض الآخر، وهو ما يظهر عندما يبكي على المدينة (لو 19: 41). وفي السّياق نفسه، يقول القديس بولس الرسول في رسالته إلى أهل رومة: “شُكْراً ِللهِ، أَنَّكُمْ كُنْتُمْ عَبِيدًا لِلْخَطِيَّةِ، وَلكِنَّكُمْ أَطَعْتُمْ مِنَ الْقَلْبِ صُورَةَ التَّعْلِيمِ الَّتِي تَسَلَّمْتُمُوهَا في الإنجيل” (رو 6: 17)… فمن هم الحكماء الذين يتحدّث الرّب يسوع عنهم؟ هم الكتبة والفريسيون. وهو إنما يقول هذا تشجيعًا لتلاميذه، مبيّنًا لهم ماهية الامتيازات التي اعتُبروا أنّهم جديرين بالحصول عليها. هُم الصيادون البسطاء تلّقوا الأنوار والمعارف التي ازدراها الحكماء والعلماء. فهؤلاء حُكماء بالقول فقط، وهُمّ يعتبرون أنفسهم حكماء ولكنّهم في الحقيقة علماء باطلين. لهذا السبب لم يقل الرّب يسوع: “وكشفتها للسفهاء” بل قال ” لِلصِّغار”، أي الأناس البسطاء الصريحين… وهو بذلًك يعلّمنا أن نَنبُذَ جنون العظمة ونسعى إلى البساطةِ. ويذهبُ القديسُ بولس الرسول إلى أبعدِ من ذلك إذ يقول، “لاَ يَخْدَعَنَّ أَحَدٌ نَفْسَهُ. إِنْ كَانَ أَحَدٌ يَظُنُّ أَنَّهُ حَكِيمٌ بَيْنَكُمْ فِي هذَا الدَّهْرِ، فَلْيَصِرْ جَاهِلاً لِكَيْ يَصِيرَ حَكِيمًا!” (1كور 3: 18).
maronite readings – rosary.team