الثلاثاء، ٥ يوليو : القدّيس غريغوريوس الكبير
أصبَحتُ أُضْحوكَةً لأَصدِقائي وأَنا أدْعو إِلى اللهِ فيَستَجيبُني” (أي 12: 4) … في بعض الأحيان تثابر النفس على عمل البرّ ولكنّها تلقى السخرية من الناس. تتصرّف بطريقة جديرة بالاحترام، وتتلقّى الشتائم. إن الإنسان الّذي يمكن للمديح أن يجذبه للخارج، يدخل إلى ذاته حين يُصَدُّ بالإهانات. وهذا الأخير يثبت في الله بصلابة قويّة حين لا يجد في الخارج مكانًا يلقى فيه الراحة. يضع كلّ رجائه في خالقه، ووسط الاستهزاء المهين لا يتوسّل إلاّ إلى الشاهد الداخليّ. تتقرّب نفس الإنسان المتألّم من الله خاصّة حين يتخلّى عنه عطف الناس. ينسكب عندها في الصلاة، وتحت وطأة الاضطهاد الآتي من الخارج، يتطهّر ليفهم الحقائق الداخليّة. لذلك يقول هذا النصّ بحقّ: “أصبَحتُ أُضْحوكَةً لأَصدِقائي وأَنا أدْعو إِلى اللهِ فستجيبني…” عندما يجد هؤلاء التعساء سلاحًا في الصلاة، يلتقون داخليًّا بالمحبّة الإلهيّة: هذه تستجيب لهم، إذ في الخارج هم محرومون من مديح الناس… “إِنَّ البارَّ الكامِلَ لأُضْحوكة” (أي 12: 4). إن حكمة هذا العالم تقضي بإخفاء القلب بالحِيَل، بحجبِ الفكر بالكلام، بإظهار الباطل على أنّه حقّ، بإثبات عدم مصداقيّة ما هو صحيح. أما حكمة الأبرار فهي تقضي بعدم اختراع أي شيء لأخذ قيمة ذاتية، بإطلاق الفكر في الكلام، بمحبّة الحقيقة كما هي، بالابتعاد عن الباطل، بعمل البرّ مجّانًا، بتفضيل تحمّل الشرّ على القيام به، بعدم البحث على الانتقام من أجل إساءة، باعتبار تلقّي الإهانة من أجل الحقيقة منفعة. لكن بساطة الأبرار هي بالتحديد التي تحوّلت إلى موضوع سخرية، لأن حكماء هذا العالم يعتبرون الطهارة حماقة. كلّ ما يُقام به بإخلاص، يعتبرونه طبعًا أمرًا عبثيًّا؛ كلّ ما يشجّعه الحقّ في تصرّف البشر يظهر حماقة فيما يسمّى حكمة هذا العالم.
maronite readings – rosary.team