الجمعة، ١٧ يونيو : المجمع الفاتيكانيّ الثاني
لمّا أنجز العمل الذي كلّف الآب ابنه تحقيقه على الأرض (يو 17: 4)، أرسل الابن الرُّوح القدس، في يوم العنصرة، لكي يقدّس الكنيسة في استمرار، فيكفل للمؤمنين الدّخول إلى الآب بالمسيح في وحدة الرُّوح (راجع أف 2: 8). فإنه هو روح الحياة، والنبع المتدفّق ماءً للحياة الأبدّية (راجع يو 4: 14 + 7: 38-39). وبه يعطي الآب الحياة للذين أماتتهم الخطيئة، إلى يوم تُبعث، في الرّب يسوع المسيح، أجسادهم المائتة (رو 8: 1-1). والرُّوح يسكن في الكنيسة وفي قلوب المؤمنين كما في هيكل (راجع 1كور 3: 16 + 6: 19)، وفيهم يدعو ولهم يشهد بأنهم أبناء الله بالتبنّي (راجع غل 4: 6 + رو 8: 15-16 و26). وهذه الكنيسة التي يرشدها إلى الحقيقة كلّها (راجع يو 16: 13) ويكفل لها وحدة الشركة والخدمة الرّوحية، يجهزّها ويقودها بمختلف المواهب، مواهب السّلطة ومواهب المنّة، ويزيّنها بثماره (أف 4: 11-12 ،1كور 12: 4 + غل 5: 22)، ثمّ إنه بقوّة الإنجيل يحفظ للكنيسة شبابها، ويجدّدوا في استمرار، سائراً بها إلى تمام الاتحاد بعريسها: ذلك بأنّ الرُّوح والعروس يقولان للرّب يسوع: “هلّم” (رؤ 22: 17). وهكذا تظهر الكنيسة الجامعة “شعبًا يستمدّ وحدته من وحدة الآب والابن والرُّوح القدس”. يشارك شعب الله المقدس أيضًا في مهمة الرّب يسوع المسيح النبوية، فينشر قبل كل شيء شهادةً حَيَّةً بِعَيش إيمانه ومحبته، ويقرب لله ذبيحة الحمد، ثمرة شفاه تعترف باسمه (راجع عب 13: 15). ولما كان لجمع المؤمنين مسحة من القدوس (راجع 1 يو 2: 20 و27)، فإنَّهم لا يستطيعون أن يضلوا في الإيمان. وإنَّهم يعبرون عن هذه الميزة الخاصة التي يملكون بواسطة الذوق الفائق الطبيعة لإيمان الشعب بكلتيه، وذلك بأن يجمعوا اجماعًا شاملاً “من الاساقفة حتى آخر علماني مؤمن” (القدّيس أوغسطينوس)، على حقائق الإيمان والأخلاق. فبفضل ذوق الإيمان هذا، الذي يوقظه روح الحق ويعضده، وتحت قيادة السلطة التعليمية المقدسة التي إذا ما أُديت لها الطاعة بأمانة، قبل شعب الله لا كلامًا بشريًّا، بل حقًّا كلام الله (راجع 1تس 2: 13)، فيتمسك تمَسُّكًا متينًا بالإيمان الذي سُلِّمَ نهائيًّا الى القديسين (راجع يهو 1: 3)، ويتعمَّق في فهمه تَعَمُّقًا متزايدًا، إذ يفكر فيه تفكيرًا قويمًا ويعمل به في حياته بالتمام. ولا تتوقف مهمّة الرُّوح عينه على تقديس شعب الله بالأسرار والخدام، وعلى قيادته وتزيينِهِ بالفضائل فحسب، بل علاوة على ذلك، يوزع بين المؤمنين من كل درجة “على كُلِّ واحِدٍ ما يُوافِقُه كما يَشاء” (1كور 12: 11)، نِعَمًا خصوصية تجعله اهلاً ومستعدًا لتحمل التبعات المختلفة والخدم المفيدة لتجديد الكنيسة وانتشارها على ما جاء في رسالة القدّيس بولس “لِكُلِّ واحِدٍ يوهَبُ ما يُظهِرُ الرُّوحَ لأَجْلِ الخَيرِ العامّ” (1كور 12: 7)
maronite readings – rosary.team