الجمعة، ٢٢ نوفمبر : أوريجينُس
“وكانَ بَعدَ هذه الأَحْداثِ أَنَّ اللهَ اَمتَحَنَ إِبْراهيمَ فقالَ له:… خُذِ اَبنَكَ وَحيدَكَ الَّذي تُحِبُّه، إِسحق، وآمضِ إِلى أَرضِ المورِيِّا وأَصعِدْه هُناكَ مُحرَقَةً على أَحَدِ الجِبالِ الَّذي أريكَ” (تك 22: 1-2). هذا الابن الّذي أعطيت فيه وعود كبيرة ورائعة…، ها هو إبراهيم يتلقّى الأمر بتقديمه محرقة للربّ على أحد الجبال! بماذا تشعر، يا إبراهيم، حِيال هذا الأمر؟… لقد أعلن القدّيس بولس، الّذي أوحى له الرُّوح، على اعتقادي، بأفكار ابراهيم ومشاعره: “بِالإِيمانِ قَرَّبَ إِبراهيمُ إِسحق، لَمَّا امتُحِنَ… وفي وعدِ اللهِ لم يَتَرَدَّدْ… فَكانَ يُقَرِّبُ ابنَه الوَحيد، وقَد تَلقَّى المَواعِد… فقَدِ اعتَقَدَ أَنَّ اللهَ قادِرٌ حتَّى على أَن يُقيمَ مِن بَينِ الأَمْوات” (رو 4: 20، عب 11: 17 + 19). ها هي إذًا المناسبة الأولى الّتي ظهر فيها الإيمان بالقيامة. نعم، كان إبراهيم يرجو أنّ إسحق سيقوم من بين الأموات، كان يؤمن بتحقيق ما لم يكن قد حصل أبدًا بعد… كان إبراهيم يعلم أنّ تصوّر الحقيقة الآتية كان يتمّ حينها فيه؛ كان يعلم أنّ الرّب يسوع المسيح، الذبيحة الحقّة المقدّمة عن العالم كلّه، سيولد من نسله، وهو الّذي سينتصر على الموت بقيامته. “فبكّر إبراهيم في الصباح…، وفي اليوم الثالث، مضى إلى المكان الّذي أراه الله إياه”. اليوم الثالث هو مرتبط دائمًا بالسرّ…؛ لقد حصلت قيامة الربّ في اليوم الثالث…”في اليَومِ الثالِث، رَفَعَ إِبْراهيمُ عَينَيه فرأَى المَكانَ مِن بَعيد، فقالَ إِبْراهيمُ لِخادِمَيه: أُمكُثا أَنتُما ههُنا معَ الحِمار، وأَنا والصَّبِيُّ نَمْضي إِلى هُناكَ فَنَسجُدُ ونَعودُ إِلَيكُما”(تك 22: 4-5)… قُل لي إذًا، يا إبراهيم، أتقول الحقيقة لخادمَيك عندما تؤكّد ذهابك للسجود ثمّ عودتك مع الصبيّ، أو تريد أن تخدعهم؟…”أقول الحقيقة، يجيب إبراهيم؛ سوف أقدّم الصبيّ ذبيحة، ولهذا السبب أخذت الحطب معي. ثمّ سأعود إليكم مع الصبيّ. إنّي أؤمن في الواقع ومن عمق نفسي أنّ “اللهَ قادِرٌ حتَّى على أَن يُقيمَه مِن بَينِ الأَمْوات”.
maronite readings – rosary.team