الجمعة، ٢٤ مايو : القدّيس يوحنّا بولس الثاني
إن الكنيسة، وهي تضع نصب عينيها صورة العصر الذي نحن فيه، تشاطر الكثيرين من الناس المعاصرين ما يساورهم من قلق، وهي، فضلا عن ذلك، تشعر بالأسى لتدهور كثير من المبادئ السليمة التي تشكّل، ولا شك، لا كنز الآداب المسيحية وحسب، بل كنز الآداب العالمية والثقافة الأخلاقية… هذا المشهد الذي يقدّمه لنا عصرنا والذي لا يمكنه إلا أن يثير في نفوسنا القلق العميق، يذكّرنا بالكلمات التي رنّ بها نشيد مريم، منذ أن تجسّد ابن الله، والتي تشيد بالرحمة “من جيل إلى جيل” (لو 1: 50)… وعلى الكنيسة أن تشهد لرحمة الله التي ظهرت في الرّب يسوع من خلال ما قام به من أعمال بوصفه المسيح… وإن كان هناك بعض اللاهوتيين يؤكد أن الرحمة أعظم صفات الله وكمالاته، فهذا ما يثبته الكتاب المقدس والتقليد وحياة الإيمان بكاملها لدى شعب الله. ولا يدور الحديث هنا على كمال جوهر الله الذي لا يسبر غوره، في إطار سرّ ألوهته، بل عن كماله وصفته اللتين غالبا ما يقترب الإنسان معهما كل القرب من الله الحيّ، وفقا لحقيقة حياته الباطنية. وانسجامًا مع ما قاله الرّب يسوع المسيح لفيلبس، تجد “رؤية الآب” – أي رؤيته عن طريق الإيمان – في هذا اللقاء مع رحمته لحظة فريدة من بساطة داخلية لا تختلف عن تلك التي نجدها في مثل الابن الشاطر (لو 15: 11 وما يليها). “مَن رآني رأَى الآب”. إن الكنيسة تبشرّ برحمة الله وتحيا بواسطتها في ما اكتسبت من خبرة إيمان واسعة، وما لها من عقيدة، فيما تتأمّل، دونما انقطاع، في الرّب يسوع المسيح، مركزّة عليه وعلى حياته وإنجيله وصليبه وقيامته وسرّه بكامله. وإن كل ما يكوّن “رؤية” الرّب يسوع في إيمان الكنيسة الحي وتعليمها، يقودنا إلى “رؤية الآب” في قداسة رحمته.
maronite readings – rosary.team