الجمعة، ٢٤ يونيو : القدّيس أوغسطينُس
إنّ ولادة يوحنّا المعمدان وولادة الرّب يسوع ثمّ آلامهما، هي التي طبعت الفرق بينهما. ولد يوحنّا حين أشرف النهار على نهايته فيما ولد الرّب يسوع المسيح حين بدأ النهار. إنّ نهاية النهار لأحدهما هي رمز لموته العنيف؛ وبدايته هي للآخر تمجيد للصليب. هنالك أيضًا معنى سرّي كشفة الربّ… بالنسبة إلى هذه الكلمة ليوحنّا عن الرّب يسوع المسيح: “لا بُدَّ له مِن أَن يَكبُر. ولا بُدَّ لي مِن أن أَصغُر”. إنّ العدالة البشريّة كلّها… استُنفِدت في يوحنّا؛ عنه قال الحقيقة: “لم يَظهَرْ في أَولادِ النِّساءِ أَكبَرُ مِن يُوحَنَّا المَعمَدان” (مت 11: 11). إذًا، ما كان يمكن لأيّ إنسان أن يتفوّق عليه؛ لكنّه كان مجرّد إنسان. لكن في نعمتنا المسيحيّة، يُطلب منّا ألاّ نفتخر بالإنسان، لكن “مَنِ افتَخَرَ فلْيَفتَخِرْ بِالرَّبّ” (2كور10: 17): إنسان في ربّه؛ خادم في معلّمه. لهذا السبب، صرخ يوحنّا: “لا بُدَّ له مِن أَن يَكبُر. ولا بُدَّ لي مِن أن أَصغُر”. بالطبع، إنّ الله لا يكبر ولا يصغر بحدّ ذاته، لكن عند البشر، مع تقدّم التقوى الحقيقيّة، تكبر النعمة الإلهيّة وتصغر القدرة البشريّة، حتّى يكتمل مسكن الله الموجود في جميع أعضاء الرّب يسوع المسيح، حيث يموت كلّ طغيان وكلّ سلطة وكلّ قدرة، وحيث يكون الله “هو كُلُّ شيَءٍ وفي كُلِّ شيَء” (كول 3: 11). قال القدّيس يوحنّا الإنجيلي: “كان النُّورُ الحَقّ الَّذي يُنيرُ كُلَّ إِنْسان آتِياً إِلى العالَم” (يو 1: 9)؛ كما قال يوحنّا المعمدان: “فمِن مِلْئِه نِلْنا بِأَجمَعِنا وقَد نِلْنا نِعمَةً على نِعمَة” (يو 1: 16). حين يزداد وهج النور الذي يكون كاملاً من خلال ذاك الذي ينير، يصغر هذا الأخير بحد ذاته حين يختفي منه ما كان بدون الله. لأنّ الإنسان بدون الله لا يمكنه سوى أن يخطئ، وتصغر قدرته البشريّة حين تنتصر النعمة الإلهيّة، المدمِّرة للخطيئة. ضعف المخلوق يستسلم أمام قدرة الخالق، فينهار غرور ميولنا الأنانيّة أمام الحبّ الشامل، فيما يصرخ لنا يوحنّا المعمدان من قعر يأسنا ليعلمنا برحمة يسوع المسيح: “لا بُدَّ له مِن أَن يَكبُر. ولا بُدَّ لي مِن أن أَصغُر”
maronite readings – rosary.team