الجمعة، ٢٧ سبتمبر : القدّيس غريغوريوس النيصيّ
يُشَبِّه نصُّ نشيد الإنشاد (لكاتبه الملك سليمان) النفسَ بالخطيبة المزيّنة لاتّحاد غير ملموس وروحيّ وبدون دنس مع الله. إنّ “مَن يريد أن يخلُص جميع الناس ويبلغوا إلى معرفة الحقّ” (1تم 2: 4)، يعرض هنا الوسيلة الأكثر اكتمالاً، الوسيلة المباركة لنَخلُص، أعني بذلك الوسيلة التي تَمُرُّ بالمحبّة. يمكن للبعض أن يجدوا الخلاص في الخوف: فبالتفكير بالعقوبات التي تهدّدنا في جهنّم، نمتنع عن القيام بالشرّ. وهناك أيضًا مَن يعيشون حياة استقامة وفضيلة لأنّهم يأملون الحصول على الأجر المخصّص للّذين عاشوا حياةً تَقِيَّة: فإنّهم يتصرّفون هكذا ليس بدافع حبّ الخير، بل على أمل أن يُكافَؤوا. فلكي ننطلق نحو الكمال، نبدأ بِطَرد الخوف من النفس؛ فالتعلّق بالربّ بغير دافع الحبّ هو شعور خسيس… نحبّ “من كلّ قلبنا، ومن كلّ نفسنا، ومن كلّ قوّتنا” (راجع مر 12: 30) لا إحدى الهِبات الّتي مُنحت لنا، إنّما أن نُحِبَّ ذاك الّذي هو نفسه مصدر هذه الخيرات. هكذا يجب أن تكون النفس بحسب سليمان… أتظنّ إنَّني أتحدّث عن سليمان، إبن بتشابع الّذي قدّم ألفَ ثَور على الجبل، والّذي، بناءً على نصائح زوجته الغريبة، ارتكب خطيئةً؟ لا، بل أفكّر في سليمان آخر، وُلد هو أيضًا من نسل داود بحسب الجسد؛ يدلّ اسمه على “السلام” (إذ إنّ اسم سليمان يعني “رجل السلام” – راجع 1أخ 22: 9). إنّه مَلك إسرائيل الحقيقيّ، وباني هيكل الله، وصاحب المعرفة الشاملة. إنّ حكمته لا قياس لها؛ بل أفضل من ذلك، هو بالأصل الحكمة والحقّ؛ إنّ اسمه وتفكيره هما إلهيّان وسامِيان تمامًا. لقد استعان بسليمان كأداة، وهو الّذي خاطبنا من خلال صوته، أوّلاً في سِفر الأمثال، ثمّ في سِفر الجامعة، وفي سِفر نشيد الأناشيد. لقد أظهر لِتفكيرنا، بنظام وترتيب، كيفيّة التقدّم نحو الكمال.
maronite readings – rosary.team