الجمعة، ٥ أغسطس : بودوان دو فورد
إنّ أولئك الذين سفكوا دم الرّب يسوع المسيح لم يفعلوا ذلك ليزيلوا خطايا العالم… لكنّهم ساهموا في مشروع الخلاص، بدون معرفة. فخلاص العالم الذي نتج عن ذلك لم يأتِ نتيجة قدرتهم أو إرادتهم أو نيّتهم أو عملهم، بل جاء نتيجة قدرة الله وإرادته ونيّته وعمله. من خلال عمليّة سفك الدماء هذه، لم يتجلَّ حقد المضطهدين فقط، بل محبّة المُخلِّص أيضًا. صنع الحقد عمل الحقد، وصنعت المحبّة عمل المحبّة. لم يؤدِّ الحقد إلى عمليّة الخلاص، بل المحبّة فعلت ذلك. من خلال سفك دم الرّب يسوع المسيح، كشف الحقد عن نفسه، حسبما جاء في إنجيل القدّيس لوقا “لِتَنكَشِفَ الأَفكارُ عَن قُلوبٍ كثيرة” (لو 2: 35). كما انتشرت المحبّة أيضًا، من خلال سفك دم الرّب يسوع المسيح، ليعرف الإنسان كم يحبّه الله “الَّذي لم يَضَنَّ بابْنِه نَفسِه” (رو 8: 32). إذ “إِنَّ اللهَ أَحبَّ العالَمَ حتَّى إِنَّه جادَ بِابنِه الوَحيد لِكَي لا يَهلِكَ كُلُّ مَن يُؤمِنُ بِه بل تكونَ له الحياةُ الأَبدِيَّة” (يو 3: 16). لقد قُدِّم هذا الابن الوحيد، لا بسبب انتصار أعدائه، بل لأنّه أراد ذلك. “فَقد أَحَبَّ خاصَّتَه الَّذينَ في العالَم، فَبَلَغَ بِه الحُبُّ لَهم إِلى أَقْصى حُدودِه” (يو13: 1). أقصى الحدود هو قبول الموت من أجل الذين يحبّهم: هذا هو أقصى حدود كلّ كمال، أقصى حدود المحبّة المثاليّة. لأنه “لَيسَ لأَحَدٍ حُبٌّ أَعظمُ مِن أَن يَبذِلَ نَفَسَه في سَبيلِ أَحِبَّائِه” (يو 15: 13).
maronite readings – rosary.team