الجمعة، ٥ يناير : الطوباويّ غيريك ديغني
“صَوْتُ صَارِخٍ في البَرِّيَّة: أَعِدُّوا طَرِيقَ الرَّبّ، وٱجْعَلُوا سُبُلَهُ قَويمَة!”. يا إخوة، يجب علينا قبل كلّ شيء أن نفكّر ونتأمّل بنعمة التّوحُّدِ والانفراد، وبالغبطة التي توجد في البريّة، ذلك المكان الذي استحقّ أن يكون مكان راحة للقدّيسين منذ بداية عصر الخلاص. إنّه لأمرٌ أكيد بالنسبة إلينا أنّ البريّة قد تقدّست بصوت يوحنّا المعمدان، ذلك الصوت الصارخ في البريّة معلّمًا ومُعطيًا معموديّة التوبة. صحيح أنّ البريّة كانت صديقة للأنبياء الكبار الذين سبقوا الربّ يسوع حيث كانت نصيرةً للرُّوح، غير أنّ نعمة تقديس لا مثيل لها قد حلّت في البريّة عندما قصدها هو بنفسه وصام وقهر الشيطان (راجع مت 4: 1). قبل أن يبدأ رسالته التبشيريّة للخطأة، رأى الربّ يسوع أنّه من المناسب أن يُحَضِّر مكانًا لاستقبالهم فيه. لقد ذهب إلى البريّة ليكرّس حياة جديدة في هذا المكان المتجدّد… وكان هذا التكريس للذين سيسكنون البريّة من بعده أكثر ممّا هو له. فإذا كنت موجودًا في البريّة، ابقَ هنالك وانتظر ذاك الذي سوف يخلّصك من فزع الروح ومن العاصفة… سوف يشبعك الربّ، حين تتبعه، أكثر من تلك الجموع التي تبعته إلى البريّة (راجع مر6: 30-44). حين ستعتقد أنّه تركك منذ زمن طويل، سيأتي لتعزيتك، نتيجة طيبته نحوك، وسيقول لك: “قد تَذَكَّرتُ لَكِ مَوَدَّةَ صباكَ مَحَبَّةَ خِطبَتِك لَمَّا كُنتَ تَسيرُ وَرائي في البَرِّيَّة في أَرضٍ لا زَرْعَ بِها” (إر 2: 2). سوف يحوّل الربّ تلك البريّة إلى جنّة أفراح وسوف تعلن أنت مع النبيّ أشعيا أنّ “مَجدَ لبْنان وبَهاءَ الكَرمَلِ والشَّارون” قد أُعطيا له (إش 35: 2)… حينئذٍ سوف تنشد نفسك التي شبعت نشيد المديح: “فلْيَحمَدوا الرَّبَّ لأَجل رَحمَتِه وعَجائِبِه لِبَني البَشَر. فإنَّه أَرْوى الحَلْقَ العَطْشان ومَلأَ البَطْنَ الجائعَ خَيرًا” (مز 107[106]: 8-9).
maronite readings – rosary.team