الخميس، ١٧ أغسطس : التعليم المسيحيّ للكنيسة الكاثوليكيّة
حريّة الإنسان: لقد خلق الله الإنسان عاقلاً، ومنحه كرامة شخص يمتلك المبادرة وله السيطرة على أفعاله. “هو صَنعً الإِنْسانَ في البَدْء وتَرَكَه يَستَشيرُ نَفسَه” (سي15: 14)، “فيتمكّنَ من أن يبحث هو بذاته عن خالقه، حتّى إذا التصق به يبلغ بحريّته كماله مليئًا وسعيدًا”؛ “إنّ الإنسان عاقل، وبذلك هو شبيه بالله، خُلقَ حرًّا وسيّد أفعاله” (القدّيس إيريناوس)… إنّ حريّة الإنسان محدودةٌ ومعرّضةٌ للزّلل. وفي الواقع، زلّ الإنسان وخطئ حرًّا. وعندما رفض مشروع محبّة الله، خدع نفسه؛ وأصبح عبدًا للخطيئة. وولَّدت هذه الخسارة الأولى خسائر أخرى كثيرة. إنّ تاريخ البشريّة منذ بداياته، شاهدٌ على ما أنتجه قلب الإنسان من مصائب ومضايقات نجمت عن سوء استعمال الحريّة. والابتعاد عن الشريعة الأخلاقيّة يُضرّ الإنسان بحريّته، ويتقيّد بذاته، ويقطع ما بينه وبين نُظرائه من علائق الأخوّة، ويعصى الحقيقة الإلهيّة. لقد حصل الرّب يسوع المسيح، بصليبه المجيد، على خلاص كلّ البشر. وفداهم من الخطيئة التي كانت تستعبدهم. “إِنَّ المَسِيحَ قَدْ حَرَّرَنَا لِنَبْقَى أَحرارًا” (غل 5: 1). فيه نشترك في “الحقيقة التي تجعلنا أحرارًا” (راجع يو 8: 32). لقد أُعطينا الرُّوح القدس، وكما يُعلّم الرسول أنّ “الرَّبَّ هُوَ الرُّوح، وحَيْثُ يَكُونُ رُوحُ الرَّبِّ تَكُونُ الحُرِّيَّة” (2كور3: 17). ونحن منذ الآن نفتخر بحريّة أبناء الله (راجع رو 8: 21). إنّ نعمة الرّب يسوع المسيح ليست على الإطلاق منافسةً لحريّتنا، عندما تتوافق هذه مع حِسّ الحقيقة والخير الذي وضعهُ الله في قلب الإنسان. وعلى العكس، كما تشهد بذلك الخبرة المسيحيّة في الصلاة على الخصوص، كلّما طاوعنا حوافزَ النعمة، تعاظمت حريّتنا الداخليّة، وثباتنا في المِحَن وأمام ضغوط العالم الخارجيّ ومضايقاته. وبفعل النعمة، يربّينا الرُّوح القدس على الحريّة الروحيّة، ليصيّرنا مساعدين له أحرارًا، في عمله في الكنيسة وفي العالم.
maronite readings – rosary.team