الخميس، ٢٨ مارس : بِندِكتُس السادس عشر، بابا روما من 2005 إلى 2013
إنّ سرّ المحبّة، سرّ القربان المقدّس هو تقدمة الرّبّ يسوع المسيح نفسه ذبيحة عنّا، مظهرًا حبّ الله اللامتناهي لكلّ البشر. وفي هذا السرّ العظيم، تجسيد للحبّ “اللامتناهي” الذي يدفع المرء إلى “أَن يَبذِلَ نَفَسَه في سَبيلِ أَحِبَّائِه” (يو 15: 13). وبالفعل لقد “بَلَغَ بِه الحُبُّ لَهم إِلى أَقْصى حُدودِه.” بهذه العبارة، استهلّ الإنجيليّ حديثه عن فعل التواضع اللامتناهي الذي قام به الرّب يسوع: فقبل أن يموت من أجلنا على الصليب، جعل لنا من نفسه قدوة فائتَزرَ وغسلَ أقدام تلاميذه. كذلك في سرّ القربان المقدّس، استمرّ الرّب يسوع في محبّته لنا “إِلى أَقْصى الحُدودِ”، أي إلى أن قدّم جسده ودمه من أجلنا. كم كانت عظيمة الدهشة التي اعترَتْ التلاميذ لدى رؤية أعمال الربّ وسماع أقواله خلال العشاء الأخير! وكم هي عظيمة الدهشة التي يجب أن يولّدها في قلوبنا سرّ القربان المقدّس! بالفعل، لقد جعل الربّ نفسه من خلال هذا السرّ العظيم غذاءً للإنسان المتعطّش للحقّ والحرّية. بما أنّ الحقّ وحده يجعلنا “أَحراراً حَقّاً” (يو 8: 36)، فقد جعل الرّب يسوع المسيح نفسه غذاء حقّ لنا… وكلّ إنسانٍ يحمل في داخله توقًا متّقدًا إلى الحقّ الكليّ والنهائي. لذا، نرى أنّ الرّب يسوع المسيح، الّذي هو “الطريق والحقّ والحياة” (يو 14: 6)، يتوجّه إلى قلب الإنسان المتّقد الذي يشعر بأنّه زائر ومتعطّش، إلى القلب الذي يتحرّق شوقًا لبلوغ نبع الحياة، إلى القلب الذي يبحث عن الحقّ. بالفعل، إنّ الرّب يسوع المسيح هو الحقّ المتجسّد الذي يجتذب الناس إليه… في سرّ الإفخارستيّا، يُرينا الرّب يسوع المسيح بشكل خاص حقيقة المحبّة التي هي جوهر الله بذاته. هذه هي الحقيقة الإنجيليّة التي تطال كلّ إنسان وكلّ الإنسان. وبالتالي، فإنّ الكنيسة التي تجد في سرّ الإفخارستيّا مركزها الحيوي، تتعهّد على الدوام بأن تعلن للجميع “بوقت وبغير وقت” (2تم 4: 2) أنّ الله محبّة. ولأنّ المسيح أصبح خبز حقّ من أجلنا، نجد أنّ الكنيسة تتوجّه إلى الإنسان وتدعوه إلى قبول هبة الله بملء إرادته.
maronite readings – rosary.team