الخميس، ٣ أكتوبر : الطوباويّ يوحنّا هنري نِيومَن
اسهروا”، هذا ما قاله لنا الرّب يسوع بإلحاح… يجب علينا ألاّ نؤمن فقط، بل أن نسهر. كما يجب علينا ببساطة ألاّ نحبّ فحسب، بل أن نسهر. كذلك علينا ألاّ نكتفي بأن نطيع، بل أن نسهر. أن نسهر؟ لماذا؟ لأجل ذلك الحدث العظيم، ألا وهو مجيء الرّب يسوع المسيح… يبدو أنّ في ذلك نداءً خاصًّا وواجبًا لم يكن ليخطر في بالنا أبدًا، لو لم يُشِرْ إليه الرّب يسوع. لدينا فكرة عامّة عمّا تعني الكلمات التّالية: إيمان، محبّة، طاعة… ولكن ما معنى “اسهروا”؟… إن الّذي يسهر منتظرًا الرّب يسوع المسيح هو مَن يحافظ على نفس حسّاسة، ويكون منفتحًا ومتيقّظًا ومتأهّبًا، مفعمًا بالغيرة للبحث عنه وتمجيده. هو من يرغب في أن يجد الرّب يسوع المسيح في كلّ ما يحدث معه… والّذي يسهر مع الرّب يسوع المسيح (راجع مت 26: 38) هو ذلك الذي، فيما يتطلّع إلى المستقبل، أنّ عليه ألاّ ينسى الماضي، ولا ما عانى الرّب لأجله. يسهر إذًا مع الرّب يسوع المسيح ذلك الذي يتذكّر ويُجدِّد في شخصه صليب وآلام الرّب يسوع، ويحمل بفرح الرداء الذي حمله الرّب حتّى الصليب والذي تركه بعد الصعود. في كثير من الرسائل، يعبّر الكتاب عن رغبتهم في مجيء الرّب يسوع المسيح الثاني، لكنّهم لا ينسون أبدًا المجيء الأوّل والصلب والقيامة… فحينما دعا القدّيس بولس أهل كورنتس إلى “انتظار مجيء الربّ”، فإنّه لم يغفل أن يقول لهم: علينا أن “نَحمِلُ في أَجسادِنا كُلَّ حِينٍ مَوتَ المسيح لِتَظهَرَ في أَجسادِنا حَياةُ المسيحِ أَيضاً” (2كور 4: 10). أنّ فكرة ما هو عليه الرّب يسوع المسيح اليوم يجب ألاّ تمحو ذكرى ما كان عليه بالنسبة إلينا. إنّ السهر هو إذًا أن نعيش منسلخين عمّا هو الآن، عيشة الخفاء، والعيشة في فكر الرّب يسوع المسيح كما أتى في مجيئه الأوّل وكما يجب أن يأتي، وأن نرغب في مجيئه الثاني في ذكرى مجيئه الأوّل المفعمة بالمحبّة وعرفان الجميل.
maronite readings – rosary.team