الخميس، ٦ يونيو : القدّيس غريغوريوس النيصيّ
ها هو ملكوت الحياة قد أتى وأُسقِط سلطان الموت. لقد برزت ولادة أخرى بالإضافة إلى حياة أخرى وطريقة وجود أخرى، لا بل تحوَلٌ في طبيعتنا نفسها. وهذه الولادة ليست “مِن دَمٍ ولا مِن رَغبَةِ لَحْمٍ ولا مِن رَغبَةِ رَجُل، بل مِنَ اللهِ” (يو 1: 13). “هذا هو اليَومُ الَّذي صَنَعَه الرَّبُّ فلنبتَهِجْ ونَفرَحْ فيه” (مز 118 [117]: 24). هو يوم مختلفٌ كليًّا عن أيّام البَدْءِ، ففي هذا اليوم، خلَق الله “سَمَاوَاتٍ جَدِيدَةٍ وَأَرضًا جَدِيدَةً” (راجع إش 65 :17)، كما قال النبي إشعيا. ما هي هذه السَّماوات؟ هي أثير الإيمان بالرَبِّ يَسُوعَ المَسِيحِ. مَا هِيَ هَذِهِ الأَرضُ؟ هي القلبُ الطيّب الصالح، كما قال الربّ، هي الأرض الطيّبة التي ترتوي من الأمطار التي تسقط عليها، وتنبت محاصيلَ وفيرة (راجع لو 8: 15). وفي هذه الخليقة ليست الشمسُ سوى الحياة النقيّة، والنجومُ سوى الفضائل، وما الهواءُ سوى السلوك الشفاف، والبحرُ هو عمق الحكمة والمعرفة اللامتناهي؛ أمّا العشب وأوراق الشجر، فهي الشريعة الجيّدة والتعاليم السماويّة التي يتغذّى منها القطيع، أي شعبُ الله. والأشجار المحمّلة بالفاكهة، فهي التقيّد بالوصايا. ففي هذا اليوم يُخلق الإنسان الحقّ، على “صُورَةِ اللهِ كَمِثَالِهِ” (راجع تك 1: 27). أليس هذا عالمًا جديدًا تكون بدايته في “اليَومِ الَّذي صَنَعَه الرَّبُّ”؟… أعظم شرف ليوم النعمة هذا هو أنّه دمّر الموت وأفسح المجال أمام ولادةِ البكر من بين الأموات… يا لها من بشرى جميلة وسارّة! إنّ ذاك الذي، من أجلنا، أصبح واحدًا منّا ليجعلنا إخوةً له، يرفع إنسانيّته نفسها إلى الآب فيرفع معه أيضًا جميع إخوته في الإنسانيّة.
maronite readings – rosary.team