السبت، ١١ نوفمبر : القدّيس إيريناوس اللِّيونيّ
لقد وُضِعَت الشريعة بادئ ذي بدءٍ للعبيد بهدف تهذيب النفس من خلال الأمور الخارجيّة والجسديّة، لحمل هذه النفس على طاعة الوصايا، بحيث يتعلّم الإنسان كيفيّة إطاعة الله. لكنّ كلمة الله حرّر هذه النفس؛ وعلّمها أيضًا أن تقوم بتطهير الجسد بحريّة وبإرادة طوعيّة. ومنذ ذلك الوقت، كان لا بدّ من كسر قيود العبوديّة التي استطاع الإنسان من خلالها أن يتعلّم وأن يتبع الله متحرِّرًا من القيود. لكن مع تزامن انتشار مفاهيم الحريّة، كان لا بدّ من تعزيز الخضوع إلى الملك، حتّى لا يعود أي إنسان إلى الحالة السابقة ويظهر غير جديرٍ بمُخلِّصه… لذا، لم تكن وصيّة الربّ عدم الزنى، بل عدم اشتهاء مقتنى الغير؛ لم تكن أيضًا عدم القتل، بل عدم الشعور بالغضب؛ لم تكن دفع الجزية، بل توزيع الأموال كلّها على الفقراء. لم تكن محبّة القريب فقط، بل أيضًا محبّة العدو؛ كما لم تكن أن نصنع “الخَيرَ فنَغتَني بالأعمالِ الصالِحة، ونُعطي بِسَخاء” (1تم 6: 18)، بل أيضًا أن نعطي ممتلكاتنا بكلّ طيبة خاطر إلى مَن يأخذها منّا. إنّ الربّ، أي كلمة الله، قد أخضع البشر في البدء إلى عبوديّة الله، ثمّ عاد وحرّر كلّ مَن خضع له. وكما قال هو نفسه لتلاميذه: “لا أَدعوكم خَدَمًا بعدَ اليوم لأنّ الخادِمَ لا يَعلَمُ ما يَعمَلُ سَيِّدُه. فَقَد دَعَوتُكم أحِبّائي لأنّي أطلَعتُكم على كُلِّ ما سَمِعتُه من أَبي” (يو15: 15). من خلال جعل التلاميذ أحبّاء لله، أظهر بكلّ وضوح أنّه الكلمة، كلمة الله. لقد أصبح إبراهيم “خليل الله” (إش 41: 8)، لأنّه استمع إلى ندائه بعفويّة وبدون أيّة قيود، نتيجة إيمانه العظيم.
maronite readings – rosary.team