السبت، ١٧ يونيو : القدّيس يوحنّا بولس الثاني
إن العائلات والجماعات والدّول والمجتمع الدّولي بأسره، هم بحاجة للانفتاح على الغفران من أجل إعادة وصل ما انقطع من روابط، ومن أجل تخطّي حالات الاتهام المتبادل العقيمة، والانتصار على تجربة إلغاء الآخرين الذي يتم من خلال رفض إعطائهم فرصة جديدة. إنّ المقدرة على المغفرة هي الأساس لأي مشروع قادم لمجتمع أكثر عدالةً وتضامنًا. إنّ رفض الغفران، وخاصّة إن كان ذلك يؤدّي إلى تواصل النّزاعات، سوف يكون له ارتدادات غير محسوبة على تطوّر الشّعوب. إذ سوف تُخصَّصُ الأموال لزيادة السّباق على التّسلّح ومصاريف الحروب أو من أجل مواجهة التّداعيات الاقتصادية لتلك الأمور. وبالتّالي سوف تنقص الإمكانيّات المادية الضّرورّية للتّطوير والسّلام والعدالة. فأي ألمٍ لم تُصَب به البشرية بعد بسبب أنّها لا تعرف المصالحة، وكم من تأخرٍ تعانيه لأنّها لا تعرف الغفران؟! إنّ السّلام هو شرطٌ للتّطوّر غير أن السلام الحقيقي غير ممكن إلاّ من خلال الغفران. إن اقتراح الغفران ليس بالأمر الممكن نعترف به كأنّه حقيقة واقعة أو نقبّله بسهولة؛ إنّه يشكّل، في بعض جوانبه، رسالة متناقضة. بالفعل، فإن الغفران يتضمّن على المدى القصير خسارة ظاهرة وبالعكس من ذلك فإنّه، على المدى البعيد، يؤمّن ربحًا حقيقيًّا. أمّا العنف، فإنّه على العكس من ذلك: فهي خيارٌ لربحٍ ظاهري في المدى القصير ويحضّر لخسارة حقيقيّة ودائمة على المدى الطّويل. إن الغفران قد يبدو ضعفًا؛ فبالحقيقة، على من يريد أن يعطي الغفران والّذي يتقبّله على حدًّ سواء، أن يتحلّى بقوّة روحيّة وشجاعة نفسيّة تجاه المصاعب. وبعيدًا من استصغار الشخص، فإنّ الغفران يقوده إلى إنسانيّةٍ أكثر عمقًا وغنى، ويجعله قادرًا على أن يعكس في داخله شعاع عظمة الخالق.
maronite readings – rosary.team