السبت، ٢٣ أبريل : القدّيس يوحنّا بولس الثاني
إنّ أحداثَ الفصح – آلام الرّب يسوع المسيح وموته وقيامته – هي أيضًا زمن المجيء الجديد للرُّوح القدس كالبارقليط أو روحُ الحق (يو 14: 16-17). هو زمنُ “البداية الجديدة” للهبة التي منحها الله الواحد والثالوث بشخصه للبشريّة في الرُّوح القدس بفعل الرّب يسوع المحيي. هذه البداية الجديدة هي فداء العالم: “فإِنَّ اللهَ أَحبَّ العالَمَ حتَّى إِنَّه جادَ بِابنِه الوَحيد لِكَي لا يَهلِكَ كُلُّ مَن يُؤمِنُ بِه، بل تكونَ له الحياةُ الأَبدِيَّة” (يو 3: 16). بالفعل، في هبة الابن، يتوضّح الجوهر الأعمق لله الذي، كالمحبّة، هو نبعٌ لا ينضب مِنَ الكَرَم. في الهبة التي منحها الابن، يكتمل الوحي وسخاء الحبّ الأبدي: إنّ الرّوح القدس الذي، في أعماق لله، هو أقنومٌ وهبة، قد أُعطيَ للتلاميذ وللكنيسة بطريقة جديدة، ومن خلالهم للبشريّةِ وللعالمِ أجمع. يظهر التعبير النهائي لهذا السرّ في يوم القيامة. إنّ يسوع الناصري الذي “وُلِدَ مِن نَسْلِ داوُدَ بِحَسَبِ الطَّبيعةِ البَشَرِيَّة”، كما كتب الرسول بولس، قد “جُعِلَ ابنَ اللهِ في القُدرَةِ، بِحَسَبِ روحِ القَداسة، بِقِيامتِه مِن بَينِ الأَموات” في هذا اليوم (رو 1: 3-4). نستطيعُ القولَ إذًا إنّ التّجلّي المسيحاني للرّب يسوع في الرّوح القدس قد بلغَ ذروته في القيامة؛ لقد كشفَ عن ذاتِه إذًا كأبنٍ لله، “الممتلئ من القوّة”. وهذه القوة التي تتدفّق ينابيعها من الاتحاد الثالوثيّ السريّ، تظهر قبل كلّ شيء في أنّ الرّب يسوع المسيح القائم يحقّقُ، من جهة، وعدَ الله الذي سبق أن أُعلن عنه بصوت النبي: “وأُعْطيكم قَلبًا جَديدًا وأَجعَلُ في أَحْشائِكم روحًا جَديدًا…، وأَجعَلُ روحي في أَحْشائِكم” (حز 36: 26-27)، ومن جهة أخرى، يتمّمُ وعده الخاص لتلاميذه: “إِنَّه خَيرٌ لَكم أَن أَذهَب. فَإِن لم أَذهَبْ، لا يَأتِكُمُ المُؤيِّد. أَمَّا إِذا ذَهَبتُ فأُرسِلُه إِلَيكُم” (يو 16: 7). فهو إذًا، روح الحقّ، البارقليط المُرسل من المسيح القائم ليُغيّرنا ويجعل منّا الصورة ذاتها عن القائم من بين الأموات.
maronite readings – rosary.team