السبت، ٢٤ فبراير : القدّيس كيرِلُّس
“كَثيرونَ منَ البَشَر يُنادونَ كُلُّ واحِدٍ بِصَلاحِه أمّا الإنسانُ الأمينُ فمَن يَجِدُه؟” (أم20: 6). أنا لا أقولُ لكَ ذلك لأحُثَّكَ على أن تفتحَ لي قلبكَ، بل كي تظهرَ للربّ براءة إيمانِكَ، لذاكَ الربّ الفاحِص القُلوبِ والكُلى والذي يعرف أفكار البشر (راجع مز7: 10؛ 94[93]: 11). أجل، إنّه لأمر مهّم جدًّا أن يؤمنَ الإنسان؛ إنّه يكون ثريًّا أكثر من كلّ الأثرياء. في الواقع، يملك المؤمن ثروات العالم كلّها، كونه يحتقرها ويدوس عليها. حتّى إن كان الأثرياء يملكون أمورًا كثيرة على الصعيد المادي، فهم فقراء جدًّا من الناحية الروحيّة! وكلّما جمَعوا الثروات، كلّما أضنَتهم الرغبة في الحصول على ما يَنقُصهم. لكن على عكس ذلك، وهذه هي قمّة التناقض، فإنّ الرجل المؤمن ثريّ وسط الفقر، لأنّه يعرفُ أنّه لا يحتاج سوى إلى الملابس والطعام؛ هو يكتفي بذلك ويدوسُ على الثروات. ونحن الذين نحملُ اسم الرّب يسوع المسيح لسنا الوحيدين الذين نعيشُ مسيرة الإيمان. كلّ البشر، حتّى أولئك الغرباء عن الكنيسة يعيشون مسيرة مماثلة. فنتيجة الإيمان بالمستقبل، يلتزمُ أشخاص لا يعرفون جيّدًا بعضهم البعض بسرّ الزواج؛ فيما ترتكزُ الزراعة على الثقة بأنّ الأعمال المُنفَّذة ستعطي ثمارًا؛ كما أنّ البحّارة يضعون ثقتهم في زورق خشبي صغير… وبالتالي، فإنّ معظم المؤسّسات البشريّة تسير وفقًا لمسيرة إيمانيّة؛ كلّ الناس يؤمنون بمبادئ معيّنة. لكنّ الكتاب المقدّس يدعونا اليوم إلى الإيمان الحقيقي ويرسمُ لنا الدرب الذي يروق الله. إنّ هذا الإيمان هو الذي، بحسب النّبي دانيال، قد سدّ أفواه الأسود (دا 6: 23). ومن خلال “تُرْس الإيمانِ في كُلِّ حال، فبِه تَستَطيعونَ أَن تُخمِدوا جَميعَ سِهامِ الشرّيرِ المُشتَعِلَة” (أف6: 16) …إنّ الإيمان يدعمُ البشر حتّى يجعلهم يمشون على الماء (راجع مت 14: 29). كما أنّ البعض، على مثال المقعد، شُفِيَ بفضل إيمان الآخرين (راجع مت 9: 2)؛ وإيمان شقيقتيّ لعازر كان قويًّا إلى حدّ أنه أُقيم من الموت. الإيمان المُعطى مجّانًا من قبل الرُّوح القدس يفوق القوى البشريّة كلّها. بفَضلِه، يمكننا أن نقولَ لِهذا الجَبَل: انتَقِلْ مِن هُنا إلى هُناك، فيَنتَقِل” (مت 17: 20).
maronite readings – rosary.team