السبت، ٢٥ نوفمبر : القدّيس غريغوريوس الكبير
“إِبتَهجَ أَبوكُم إِبراهيم راجِيًا أَن يَرى يَومي ورآهُ فَفَرِح”. وٱبراهيم رأى يوم الربّ عندما ٱستقبل عنده الملائكة الثلاث الذين يمثلّون الثالوث الأقدس: ثلاثة ضيوفٍ خاطبهم كأنهّم واحد (راجع تك 18: 2–3). لكنّ روح المستمعين إلى الربّ الدنيويّة الأرضية لم ترفع بناظرها عن الجسد… وقالوا له: “أرَأَيتَ إبراهيمَ وما بَلَغتَ الخَمسين؟”، فحوّل مخلصّنا بكل لطفٍ نظرهم عن جسمه البشري ليرفعه إلى ألوهيّته، إذ قَالَ: “الحَقَّ الحَقَّ أَقولُ لَكم: قَبلَ أَن يَكونَ إِبراهيم، أَنا هو”. وكلمة “قبل” تشير إلى الماضي، فيما كلمة “أَنا هو” تدلّ على الحاضر. لأنّ ألوهيّته لا ماضٍ لها ولا مستقبل، لكنها كائنة دومًا، فالربّ لم يقل: “قَبلَ أَن يَكونَ إِبراهيم، كنت أنا”، ولكن “قَبلَ أَن يَكونَ إِبراهيم، أَنا هو”. لهذا، أعلن الله لموسى: “أَنا هو مَن هو”. وَقَالَ: “كَذا تَقولُ لِبَني إِسْرائيل: أَنا هو أرسَلَني إِلَيكم” (خر3: 14). حصل ٱبراهيم على كينونة قبل وكينونة بعد: فهو أتى إلى هذا العالم… وتركه محمولاً بسياق حياته. ولكنّه ينتمي إلى الحقيقة، حقيقة الكينونة الدائمة (راجع يو 14: 6)، لأنّه بالنسبة إلى هذه الكينونة، لا شيء يبدأ في وقتٍ أوّل أو ينتهي في وقتٍ لاحق. غير أنّ هؤلاء غير المؤمنين لم يستطيعوا أن يتحمّلوا كلمات الخلود، فركضوا يلمّون الحجارة ليرجموا ذاك الذي عجزوا عن فهمه… ” أَمَّا يَسُوعُ فَتَوارَى وخَرَجَ مِنَ الهَيْكَلا”. إنّه لأمر غريب أن يفرّ الربّ من مضطّهديه مختبئًا في حين كان باستطاعته استخدام قوّة ألوهيّته… لِمَ ٱختبأ إذًا؟ لأنّه حين أصبح إنسانًا بين البشر، قال لنا مخلّصنا بعض الأمور بالكلمات وبعض الأمور الأخرى بالمثل. وماذا قال لنا بهذا المثل عدا الفرار بكلّ تواضع من غضب المتكبّرين، حتّى لو كان باستطاعتنا مقاومتهم؟… فلا يتمرّد أي منّا إذا تعرّض للإهانة، ولا يكيل الفرد منّا الإهانة بالإهانة، فهو لأعظم على غرار الربّ أن نتفادى الإهانة بصمتنا عوضًا عن الكسب من خلال الإجابات اللاذعة.
maronite readings – rosary.team