السبت، ٢ ديسمبر : الطّوباويّ بولس السادس، بابا روما من 1963 إلى 1978
إنّ الفرح المسيحي في جوهره هو مشاركة روحيّة في الفرح غير المُدْرَك الروحي والبشري في آنٍ معًا، الموجود في قلب الرّب يسوع المسيح الممجّد… فلنتأمّله خلال حياته الأرضيّة؛ في بشريّته، اختبر أفراحنا: لقد عرف وعاش مجموعة من الأفراح البشريّة البسيطة واليوميّة التي كانت في متناول الجميع. إنّ عمق حياته الروحيّة لم يُضعف واقعيّة نظره ولا إحساسه. فقد كان يُعجبُ بطيور السماء وبزنابق الحقول. وكان نظره إلى الخليقة يلتقي للحال مع نظر الله إليها عند فجر الخليقة. لقد عاش بملء إرادته فرح الزارع والحاصد، وفرح الرجل الّذي وجد كنزًا، وفرح الراعي الّذي وجد نعجته الضالّة، وفرح المرأة الّتي وجدت درهمها الضائع، وفرح المدعوّين إلى الوليمة، وفرح العرس، وفرح الأب الّذي استقبل ابنه الضالّ، كما عاش فرح المرأة الّتي ولدت طفلها. هذه الأفراح البشريّة كانت تعني كثيرًا للرّب يسوع إلى حدّ أنّها كانت بالنسبة إليه علامات الأفراح الروحيّة في ملكوت الله: فرح الناس الّذين يدخلون هذا الملكوت، ويعودون إليه أو يعملون فيه، وفرح الآب الّذي يستقبلهم. بدوره، أعرب الرّب يسوع نفسه عن رضاه وعاطفته تجاه الأطفال الّذين كانوا يرغبون في الاقتراب منه، وتجاه الشاب الغني الأمين الّذي كان يبغي أن يفعل المزيد، كذلك تجاه الأصدقاء الّذين استقبلوه في منازلهم أمثال مرتا ومريم ولعازر. كان فرحه ناتجًا خاصّة من رؤية الكلمة يُستقبل بالترحيب، والممسوسين يُشفون من المسّ، والخاطئة أو العشّار مثل زكّا يتوب، والأرملة تتخطّى فقرها لتعطي. كما كان يتهلّل فرحًا حين كان يرى أنّ الصّغار قد كُشِفَت لهم أسرار الملكوت في حين أنها ظلّت مخفيّة عن الحكماء والعقلاء. نعم، لأنّ الرّب يسوع “قد شابهنا في كلّ شيء ما خلا الخطيئة”، فقد عاش الأفراح العاطفيّة والرُّوحيّة وشعر بها كعطيّة من الله. ولن يتوانى إلاّ بعد أن “تُعلن البشارة للفقراء والفرح للحزانى”.
maronite readings – rosary.team