السبت، ٣ فبراير : البابا فرنسيس
“أعدّ الربّ لهم مدينة” (عب 11: 16): الإيمان والخير المشترك. تسّلط الرسالة إلى العبرانيّين عندما تستعرض تاريخ الآباء والصالحين في العهد القديم الضوء على بُعدٍ جوهريّ من إيمانهم لا يتجلّى على شكل طريق فحسب، بل من خلال تشييد وإعداد مكان يستطيع البشر أن يعيشوا فيه معًا… إذا اتكل رجل الإيمان على إله آمين، على إله وفيّ (راجع إش 65: 16) وأصبح بالتالي مطمئن البال، هنا يكون ثبات الإيمان دليلاً على المدينة التي يُعدّها الله للإنسان. فالإيمان يكشف عن مدى قوة العلاقات التي تربط بين البشر حين يحضر الله في وسطهم. ولا يقتصر الثبات على الداخل وعلى قناعة ثابتة لدى المؤمن، لأنّ الإيمان ينير أيضًا العلاقات بين البشر، كونه يولد من المحبة ويتبع ديناميكيّة محبّة الله. فالله الجدير بالثقة هو من يعدّ للبشر مدينة موثوقة. يكون نور الإيمان بفعل علاقته بالمحبّة (راجع غل 5: 6) في خدمة العدالة والحقّ والسلام. فالإيمان يولد من اللقاء بمحبة الله الأصليّة الذي يكشف عن معنى حياتنا وطيبتها… إنّ نور الإيمان قادر على إظهار غنى العلاقات البشريّة وقدرتها على الاستمرار وعلى التحلي بالثقة وإثراء الحياة المشتركة. فالإيمان ليس بعيدًا عن العالم كما أنّه ليس بمنأى عن الالتزام الملموس لمعاصرينا. من دون المحبة الجديرة بالثقة، لا شيء يبقي البشر متحدين. ذلك أنّ تصوّرنا لهذه الوحدة سيكون على أساس الفائدة وتركيبة مصالح البشر وخوفهم، لا على العيش المشترك أو الفرح الذي قد يولدّه الآخر بمجرد حضوره… نعم، إن الإيمان هو خير لنا جميعًا، خير مشترك، ونوره لا يضيء داخل الكنيسة فحسب، ولا يسعى فقط إلى بناء مدينة أبديّة في الآخرة؛ بل يساعدنا على بناء مجتمعاتنا حتى نسير نحو مستقبل مليء بالأمل.
maronite readings – rosary.team