كما يؤلّف القدّيس بطرس وسائر الرسل، بأمر من الربّ، جماعة رسوليّة واحدة، كذلك يرتبط الحبر الروماني، خليفة بطرس، مع الأساقفة خلفاء الرسل. ويدلّ على صفة الدرجة الأسقفيّة وطبيعتها الجماعيّة، النظام المتناهي في القدم الذي بحسبه كان الأساقفة القائمون في العالم أجمع، يعيشون في الشركة فيما بينهم ومع أسقف روما في رباط الوحدة والمحبّة والسلام، والمجامع الملتئمة التي كان عليها أيضًا أن تقرّر معًا المشاكل الهامّة، وذلك بعد أن يكون الرأي قد أخضع لحكم الكثيرين. وقد عُقِدَت المجامع المسكونيّة على مرّ العصور لتظهر ذلك بجلاء وتثبتة. وإليها تشير أيضًا تلك العادة الجارية منذ القديم في دعوةِ عدّة أساقفة ليُسهموا في ترقيةِ مُنتَخَبٍ جديدٍ إلى أرفع درجة في الخدمة الكهنوتيّة الذي، بقوّةِ الرسامةِ الأسقفيّةِ والشركة التراتبيّة مع رأس الحلقة وأعضائه، يُصبح عضوًا في الجسم الأسقفي. غير أنّه لا سلطة للجماعة أو للجسم الأسقفي إلاّ باتّحادها بالحبر الروماني، خليفة بطرس، كرأسٍ لها ودونما أي انتقاص من سلطان مَن هو رئيس على الرعاة والمؤمنين على السواء. فللحبر الروماني على الكنيسة، بقوّة مهمّته كنائب للرّب يسوع المسيح وراعٍ للكنيسة جمعاء، سلطان كامل، ومطلق وشامل، يستطيع أن يمارسه دومًا كما يشاء. والسلك الأسقفي، الذي يخلف الجماعة الرسوليّة في التعليم والتدبير الراعوي، أو بالأحرى الذي به يدوم الجسم الرسولي، يؤلّف، هو أيضًا بالاتّحاد مع الحبر الروماني، رأسه، وغير منفصل عن هذا الرأس، موضوع السلطة العليا والكاملة على الكنيسة جمعاء، ولا سلطة يمكن أن تُمارس إلاّ برضى الحبر الروماني. فالربُّ جعلَ من سمعان وحده صخرةً لكنيسته، وإليه وحده سلَّم المفاتيح (راجع مت 16: 18-19). ووضعه راعيًا لكلِّ قطيعه (راجع يو 21: 15 وما يتبع). ولكن سلطان الحلّ والربط الذي أُعطيَ لبطرس (راجع مت 16: 19) أُعطيَ أيضًا لجماعة الرسل متّحدين برأسهم (راجع مت 18: 18 + 28: 16-20). وتدلّ هذه الجماعة بتركيبها المتعدّد على وحدة القطيع في الرّب يسوع المسيح. في هذه الجماعة، يمارس الأساقفة الذين يحافظون بأمانةٍ على أولويّة رأسهم وسلطانه، سلطتهم الشخصيّة لا لخير مؤمنيهم وحسب، بل لخيرِ الكنيسة جمعاء.
maronite readings – rosary.team