“فَقامَ فتَبعَه”. هذه العبارة المختصرة تظهر بوضوح سرعة متّى في تلبية النداء. بالنسبة إليه، كان هذا يعني التخلّي عن كلّ شيء، خاصّة عمّا كان يؤمّن له مداخيل أكيدة، حتّى لو كانت غالبًا غير محقّة ومخزية. بكلّ وضوح، فهم متّى إنّ الحميميّة مع الرّب يسوع لم تكن تسمح له بالاستمرار بنشاط مرفوض من الله. نحن نفهم بسهولة تطبيق ذلك على واقعنا الحاضر: ففي أيّامنا هذه أيضًا، إنّ التعلّق بأمور لا تتطابق مع السير خلف الرّب يسوع، كما هي الحال بالنسبة إلى الثروات غير المشروعة، هو أمر غير مقبول. فالرّب قال بدون مراوغة: “إِذا أَرَدتَ أَن تكونَ كامِلاً، فاذْهَبْ وبعْ أَموالَكَ وأَعْطِها لِلفُقَراء، فَيكونَ لكَ كَنزٌ في السَّماء، وتَعالَ فاتبَعْني” (مت 19: 21). وهذا ما فعله: “فَقامَ فتَبعَه”. في هذه العبارة “فَقامَ فتَبعَه”، يمكن استنتاج رفض وضعيّة الخطيئة، وفي الوقت عينه، الموافقة الواعية على حياة جديدة ومستقيمة، ضمن الشراكة مع الرّب يسوع. فلنتذكّر أنّ تقليد الكنيسة القديم أجمع على نسب أبوّة الإنجيل الأوّل إلى القدّيس متّى. وكان هذا النّسب قد حصل ذلك مع بابياس، أسقف هييرابوليس في فريجيا، حوالي العام 130. فهو كتب: “تلقّى متّى كلمات (الربّ) باللغة العبريّة، وقام كلّ واحد بترجمتها وفقًا لإمكانيّاته” (أوسابيوس القيصري، تاريخ الكنيسة المسيحيّة، الجزء الثالث، 39: 16). كما أضاف المؤرّخ أوسابيوس هذه المعلومة: “متّى، الذي بدأ بالتبشير عند اليهود، حين قرّر التوجّه إلى الأمم الأخرى، كتب الإنجيل الذي كان يبشّر به بلغته الأم. هكذا، أراد أن يستبدل بالكتابة، عند أولئك الذين انفصل عنهم، ما خسروه نتيجة رحيله” (الجزء الثالث، 24: 6). لم يعد لدينا الإنجيل الذي كتبه متّى بالعبريّة أو بالآراميّة، لكن في الإنجيل باليونانيّة الذي نمتلكه، نحن ما زلنا نسمع، بطريقة معيّنة، الصوت المقنع لجابي الضرائب متّى الذي، بعد أن أصبح رسولاً، استمرّ بالإعلان عن رحمة الله المنقذة، ونحن نسمع رسالة القدّيس متّى هذه من خلال تأمّلها باستمرار لنتعلّم، نحن أيضًا، أن نقوم ونتبع الرّب يسوع بكلّ حزم.
maronite readings – rosary.team