“ذابَت نَفْسي شَوقًا إِلى خَلاصِكَ” (مز119[118]: 174) أي في انتظاره. يا له من ضعف رائع، حيث تبرز الرغبة في حدثٍ لم يتمّ بعد، لكنّه مُنتظَر. إلى من يعود إذًا هذا الكلام، إن لم يكن إلى “الذُرِّيَّةٌ المُختارة وجَماعةُ المَلِكِ الكَهَنوتِيَّة والأمّةٌ المُقَدَّسَة والشعبٌ الذي اقتَناه اللهُ” منذ بدء البشريّة حتّى نهاية الأزمنة” (1بط 2: 9)، وكلّ شخص عاش على هذه الأرض، أو يعيش الآن أو سيعيش في المستقبل على رجاء الرّب يسوع المسيح؟ إنّ الشاهد على هذا الانتظار هو القدّيس الشيخ سمعان الذي صرخ عندما أخَذ المسيح على ذِراعَيْهِ: “ا لآنَ تُطلِقُ، يا سَيِّد، عَبدَكَ بِسَلام، وَفْقاً لِقَوْلِكَ فقَد رَأَت عَينايَ خلاصَكَ” (لو 2: 29–30). لأنّ “الرُّوحُ القُدُسُ كان قد أَوحى إِلَيه أَنَّه لا يَرى الموتَ قَبلَ أَن يُعايِنَ مَسيحَ الرَّبّ (لو 2: 26). إنّ رغبة هذا الشيخ هي بحسب إيماننا، مشابهة لرغبة جميع القدّيسين في الأزمان السابقة. لذا، قال الربّ لتلاميذه: “إِنَّ كثيرًا مِنَ الأَنبِياءِ والمُلوكِ تَمنَّوا أَن يَرَوا ما أَنتُم تُبصِرونَ فلَم يَرَوا، وأَن يَسمَعوا ما أَنتُم تَسمَعونَ فلَم يَسمَعوا”. لذا، يجب أن ينضمّ هؤلاء الأشخاص جميعهم إلى المُنشدين: ” ذابَت نَفْسي شَوقًا إِلى خَلاصِكَ”. في ذاك الزمن، لم يستكنّ شوق القدّيسين يومًا، ولن يستكنّ أبدًا في جسد الرّب يسوع المسيح، أي في كنيسته حتّى انقضاء الدهور، وحتّى “يَأْتِي مُشْتَهَى كُلِّ الأُمَمِ” الذي وعد به النبيّ حجّاي (حج 2: 7 – ترجمة فانديك). إنّ التّوق التي نتحدّث عنه ينبعث من كوننا نحبّ “أَن يَظهَرَ رَبُّنا يسوعُ المسيح” (1تم 6: 14) على مثال القدّيس بولس الرسّول والّذي يتحدّث عنه في رسالته إلى أهل كولوسي: ” فإِذا ظَهَرَ المسيحُ الَّذي هو حَياتُكم، تَظَهَرونَ أَنتُم أَيضًا عِندَئِذٍ معَه في المَجْد” (كول 3: 4). في الأزمنة الماضية، قبل أن يولد الرّب من العذراء، كانت الكنيسة تضمّ قدّيسين يرغبون في مجيئه بالجسد. أمّا اليوم، فهي تضمّ قدّيسين آخرين يرغبون في المجيء الثاني للرّب يسوع المسيح بالمجد. فمنذ بدابة العالم وحتّى انتهاء الأزمنة لن يعرف هذا الانتظار يومًا أيّ توقّف.
maronite readings – rosary.team