الأحد، ١٦ يناير : روبير من دوتز
“في الغَدِ أَيْضًا كَانَ يُوحَنَّا وَاقِفًا هُوَ وٱثْنَانِ مِنْ تَلاميذِهِ ورَأَى يَسُوعَ مَارًّا “. إنّ وضعيّة يوحنّا هذه (أي كونه قائمًا منتظرًا مرور الربّ) هي وضعيّة جسمانيّة، غير أنّها تعكس بعضًا من مهمّة يوحنّا وحِدَّتَهُ في القول والفعل. لكن، وبحسب الإنجيلي أيضًا، تعكس تلك الوضعيّة في العمق هذا الجهد العالي الّذي لم يبارح النبيّ يوحنّا قطّ. فإنّ يوحنّا لم يكتفِ بإتمام دور السابق من الخارج فقط، بل إنّه أبقى حيًّا في قلبه ذلك التوق إلى الربّ الذي تعرّف إليه حين اعتمد عن يده… وكان يوحنّا دون أي شكّ مشدودًا إلى ربّنا. فهو كان يتوق إلى رؤيته مرّة أخرى، لأنّ رؤية الربّ يسوع كانت الخلاص لمَن يعترف به، والمجد لمَن يُعلنه والفرح لمَن يشير إليه. لذا، كان يوحنّا قائمًا هناك، واقفًا ومنتصبًا بكلّ حماسة قلبه؛ كان يقف مستقيمًا؛ كان ينتظر المسيح الذي كان ما يزال مخفيًّا في ظلّ تواضعه… وكان مع يوحنّا اثنان من تلاميذه، واقفين مثل معلّمهما، وقد شكّلا بواكير هذا الشعب الذي أعدّه السابق ليس لنفسه طبعًا، وإنّما للربّ. قال يوحنّا، إذ رأى الربّ يسوع وهو سائر: “هُوَذا حَمَلُ الله!”. لاحظوا العبارات المستخدمة في هذا النص: للوهلة الأولى يبدو كلّ شيء واضحًا، لكن لمَن ينظر في عمق المعنى يرى أن الغموض يكتنف كلّ شيء. “يسوع سائر”: أي معنى لتلك العبارة سوى أنّ ابن الله جاء ليشاركنا طبيعتنا البشريّة التي تعبر والتي تتغيّر. هو مَن كان يجهله البشر، أظهر عن نفسه وبات محبوبًا من خلال عبوره بيننا. لقد تجسّد من خلال حشا العذراء، وانتقل من رحم والدته إلى المزود، ومن المزود إلى الصليب، ومن الصليب إلى القبر ثمّ القيامة، ومن القيامة عاد وارتفع إلى السماء… وقلبنا أيضًا، إن تعلّم كيف يتوق إلى الرّب يسوع على غرار يوحنّا، وتعرّف إلى الرّب يسوع السائر، وإذا قام وتبعه، فإنّه وعلى غرار التلاميذ سيصل حتمًا إلى محلّ إقامة الرّب يسوع المسيح… إلى سرّ ألوهيّته.
maronite readings – rosary.team