الأحد، ٢١ نوفمبر : المجمع الفاتيكانيّ الثاني
لقد حَسُن لدى أبي النعم أن يسبق التجسد رضى هذه الأم المختارة، حتى أنه كما ساهمت امرأة في عمل الموت (راجع تك 3)، تساهم أيضًا امرأة في الحياة. وهذا ما يَصحُّ بنوعٍ عجيب في أمِّ الرّب يسوع التي أعطت العالم الحياة، حياةً منها تجدَّدَ كلُّ شيء، وقد حَباها الله نِعمًا على مستوى مهمة عظمى كهذه. وبالتالي فليس من الغرابة بأمر، أن تكون راسخةٌ العادةُ المتَّبَعة عند الآباء القديسين أن يَدعوا أمَّ الله كليَّة القداسة وبريئةً من كلِّ دنسِ الخطيئة، وكأنَّ الرُّوح القدس قد جَبَلَها وجعل منها خليقة جديدة. وقد زهت عذراء الناصرة، منذ اللحظة الأولى للحبل بها، بقداسةٍ وهّاجة وفريدة جدًا، فسمّاها مَلاكُ البشارة المنتدب من الله: مُمْتَلِئَةً نعمة (راجع لو 1: 28). فأجابت البشير السماوي: “أَنا أَمَةُ الرَّبّ فَليَكُنْ لي بِحَسَبِ قَوْلِكَ” (لو 1: 38). وهكذا قد أعربت مريم، بنت آدم، عن قبولها كلمة الله، فأصبحت بذلك أمَّ الرّب يسوع وقد تجاوبت بملء رضاها مع إرادة الله الخلاصية دون أن تعيقها أيةُ وصمةِ خطيئةٍ، فقدّمت ذاتها كُلِّيًا أمةً للربِّ بشخصِ ابنها وعمله، لكي تُسهِم معه وتحت أمره في سرِّ الخلاص وذلك بنعمة الله القدير. وهكذا يَعتبر الآباء القديسون بحقٍّ أنَّ مريم لم تسهم في خلاص البشر كأداةٍ سلبية بين يدي الله فقط، وإنّما بحرَّيةِ إيمانها وطاعتها. وبالفعل هي نفسها بطاعتها، على حسب قول القديس إيريناوس “قد غدت سبب خلاصٍ لِذاتها وللجنس البشري بأجمعه”.
maronite readings – rosary.team