الأربعاء، ١٠ يناير : القدّيس أوغسطينُس
لقد رأينا، قبل يوحنّا المعمدان، عددًا كبيرًا من كبار الأنبياء القدّيسين، جديرين بالله، مليئين من روحه القدّوس كانوا قد أعلنوا عن مجيء الربّ وشهدوا للحقيقة. مع ذلك، لم يُقَل عن أحدٍ منهُم كما قال الرّب يسوع عن يوحنّا المعمدان: “الحَقَّ أَقولُ لَكم: لم يَظهَرْ في أَولادِ النِّساءِ أَكبَرُ مِن يُوحَنَّا المَعمَدان” (مت 11: 11). لماذا أرسل إذًا مَن لديه هذه العظمة ليكون سابقًا لمن هو العَظَمة بحدّ ذاتها؟ كان ذلك لإعطاء شهادة عن التواضع العميق للسابق. كان عظيمًا جدًّا لدرجة أنّه كان من الممكن أن نعتبره المسيح. لا شيء أسهل… لأنّ هذا هو ما آمن به الّذين سمعوه ورأوه ومن دون أن يقول شيئًا. ولكن هذا الصديق المتواضع للعريس، والمتحمّس لتكريم العريس، لم يرد أن يأخذ مكان العريس، مثل الزاني. بل شهد لصديقه، وأوصى العروس بعريسها الحقيقيّ، وكان خائفًا من أن يُحَبّ بدلاً منه لأنّه لم يرد أن يُحَبّ إلَّا من خلاله. “وأَمَّا صَديقُ العَريس الَّذي يَقِفُ يَستَمِعُ إِلَيه فإِنَّه يَفرَحُ أَشدَّ الفَرَحِ لِصَوتِ العَريس”. يسمع التلميذ المعلّم؛ هو واقف لأنّه يسمع، لأنّه إنْ رفض سماعه، فإنّ سقوطه أكيد. ما يدلّنا على عظمة يوحنّا، هو أنّه كان باستطاعته أن يأخذ مكان المسيح، إّلا أنّه فضّل أن يشهد للرّب يسوع المسيح، معلنًا عظمته، ومتواضعًا بدل أن يعتبر نفسه المسيح مُضِلًّا نفسه والآخرين أيضًا. إنّه حقٌ أن يقول عنه الرّب يسوع أنّه أكثر من نبيّ… تواضع يوحنّا أمام عظمة الربّ ليستحقّ أن يُرفع تواضعه بهذه العظمة… “يَأتي بَعدي مَن هو أَقوى مِنيِّ، مَن لَستُ أهلاً لِأَن أَنَحنِيَ فأَفُكَ رِباطَ حِذائِه” (مر 1: 7).
maronite readings – rosary.team