الأربعاء، ١٩ مارس : القدّيس يوحنّا بولس الثاني

تَنْسَحِبُ أَجْوَاءُ ٱلصَّمْتِ ٱلَّتِي تَتَرَافَقُ مَعَ شَخْصِيَّةِ يُوسُفَ بِكَافَّةِ أَبْعَادِهَا وَمَلَامِحِهَا عَلَىٰ مِهْنَتِهِ كَنَجَّارٍ فِي مَنْزِلِهِ فِي ٱلنَّاصِرَةِ؛ وَيَعْكِسُ هٰذَا ٱلصَّمْتُ بِنَوْعٍ خَاصٍّ ٱلْجَانِبَ ٱلدَّاخِلِيَّ مِنْ هٰذِهِ ٱلشَّخْصِيَّةِ. إِنَّ ٱلْأَنَاجِيلَ تَتَكَلَّمُ عَمَّا “فَعَلَهُ” يُوسُفُ حَصْرًا، غَيْرَ أَنَّهَا – بِٱلرَّغْمِ مِنْ ذٰلِكَ – تُتِيحُ لَنَا أَنْ نَتَعَرَّفَ مِنْ خِلَالِ أَعْمَالِهِ ٱلْمَطْبُوعَةِ بِٱلصَّمْتِ عَلَىٰ جَوٍّ مَفْعَمٍ بِٱلتَّأَمُّلِ ٱلْعَمِيقِ. لَقَدْ كَانَ يُوسُفُ عَلَىٰ تَمَاسٍّ يَوْمِيٍّ مَعَ ٱلسِّرِّ “ٱلَّذِي كَتَمَهُ ٱللَّهُ طِوَالَ ٱلدُّهُورِ” (رَاجِعْ كول ١: ٢٦)، “وَعَاشَ” (رَاجِعْ يو ١: ١٤) تَحْتَ سَقْفِهِ. إِنَّ تَضْحِيَةَ يُوسُفَ ٱلْمُطْلَقَةَ بِحَيَاتِهِ تَلْبِيَةً لِمُقْتَضَيَاتِ مَجِيءِ ٱلْمُخَلِّصِ وَتَرَعْرُعِهِ فِي بَيْتِهِ تَجِدُ تَعْلِيلَهَا ٱلصَّحِيحَ “فِي حَيَاتِهِ ٱلدَّاخِلِيَّةِ ٱلْمُتَعَذَّرِ سَبْرُهَا، مِنْ حَيْثُ تَأْتِيهِ ٱلْأَوَامِرُ وَٱلتَّعْزِيَةُ ٱلِٱسْتِثْنَائِيَّةُ، وَمِنْ حَيْثُ يَنْبَثِقُ فِي نَظَرِهِ ٱلْمَنْطِقُ وَٱلْقُوَّةُ فِي ٱتِّخَاذِ ٱلْقَرَارَاتِ ٱلْهَامَّةِ. وَهٰذَا مَا تَمْتَازُ بِهِ ٱلْنُفُوسُ ٱلْبَسِيطَةُ وَٱلشَّفَّافَةُ، كَإِخْضَاعِ حُرِّيَّتِهِ وَدَعْوَتِهِ ٱلْإِنْسَانِيَّةِ ٱلْمَشْرُوعَةِ وَسَعَادَتِهِ ٱلزَّوْجِيَّةِ لِلتَّدْبِيرِ ٱلْإِلٰهِيِّ، رَاضِيًا بِٱلظُّرُوفِ وَبِٱلْمَسْؤُولِيَّةِ، وَبِحِمْلِ ٱلْعَائِلَةِ ٱلْمُلْقَىٰ عَلَىٰ كَاهِلِهِ، وَزَاهِدًا بِٱلْحُبِّ ٱلزَّوْجِيِّ ٱلطَّبِيعِيِّ ٱلَّذِي يُرْسِي أُسُسَ ٱلْعَائِلَةِ وَيُنْمِيهَا، لِصَالِحِ حُبٍّ بَتُولِيٍّ قَلَّ نَظِيرُهُ” (ٱلْبَابَا بُولُسُ ٱلسَّادِسُ). إِنَّ هٰذَا ٱلْخُضُوعَ لِلَّهِ ٱلْمُنْبَثِقَ مِنَ ٱلْإِرَادَةِ ٱلْيَقِظَةِ بِٱلتَّكَرُّسِ لِخِدْمَتِهِ مَا هُوَ إِلَّا عَيْشُ ٱلتَّفَانِي وَٱلْوَرَعِ ٱلَّذِي يُعْتَبَرُ شَكْلًا مِنْ أَشْكَالِ ٱلتَّعْبِيرِ عَنْ فَضِيلَةِ ٱلْإِيمَانِ ٱلْمَسِيحِيِّ” (ٱلْقُدَّيْسُ تُومَا ٱلْأَكُوِينِيُّ).
maronite readings – rosary.team