الأربعاء، ٢٣ فبراير : القدّيس باسيليوس
“ماذا أَعمَل؟… أَهدِمُ أَهرائي وأَبْني أَكبرَ مِنها”! لماذا أنتجت هذه الأرض هذا الكم من الخيرات لإنسان لا يعرف أن يستخدم غلّته؟ ذلك لكي نرى طيبة الله اللامتناهية ونعمته على الكلّ. “لأنّه يُطلِعُ شَمْسَه على الأشرارِ والأخيار، ويُنزِلُ المَطَرَ على الأبرارِ والفُجّار” (مت 5: 45) … هكذا كانت بركة الله على ذلك الإنسان الغني: أرض خصبة، طقس جيّد، بذر وافر، ثيران للفلاحة، وكلّ ما يضمن النجاح. بالمقابل، ماذا يفعل ذلك الزارع؟ مزاج سيّء، بغض وأنانيّة. تلك كانت طريقته لشكر مانحه النعمة. إنّ ذلك الغنيّ نسي أنّنا ننتمي كلّنا إلى الطبيعة البشريّة نفسها، إذ لم يفكّر في توزيع الفائض على الفقراء؛ لم يأخذ بعين الاعتبار الوصايا الإلهية: “لا تَمنعِ الإِحْسانَ عن أَهلِه إِذا كان في يَدِكَ أَن تَصنَعَه” (أم 3: 27)، “لا تُفارِقْكَ الرَّحمَةُ والحَقّ، بَلِ اْشدُدْهما في عُنُقِكَ واْكتُبْهما على لَوحَ قَلبِكَ” (أم 3: 3) أَلَيسَ الصَّومُ الَّذي فَضَّلتُه هو… أَن تَكسِرَ للجائِعِ خُبزَكَ” (إش 58: 6-7). إن كلام الأنبياء والحكماء بأجمعهم كأنّي به موجّه نحو هذا الغني، لكنّه رفض الإصغاء إليه. إنّ أهراءه ضاقت لتخزين القمح كلّه، لكنّ قلبه كان جائعًا. لم يكن يريد أن يتخلّص من أيّ كميّة بالرغم من عدم استطاعته تخزين كلّ شيء. كان هذا الموضوع يزعجه وكان يتساءل باستمرار “ماذا أَعمَل؟” مَن يمكنه ألاّ يشفق على إنسان مهووس كهذا؟ كانت الوفرة تجعله حزينًا… كان يرثي نفسه كالمعوزين: “ماذا أفعل؟ كيف أحصل على الطعام والملبس؟” اعترف أيّها الإنسان بالذي أعطاك تلك الوفرة. فكّر بنفسك قليلاً: مَن أنت؟ مَن أوصاك بتلك المهمّة؟ لماذا تمّ اختيارك؟ إنّك خادم الله الطيّب؛ من واجبك خدمة رفاقك… “ماذا أَعمَل؟” الجواب سهل: “سأًشْبِعُ الجائعين، وأدعو الفقراء… تعالوا أيّها الجياع والعطاش، هلمّوا وانهلوا من العطايا الممنوحة من الله والتي تتدفّق كالنبع الجاري”.
maronite readings – rosary.team