الأربعاء، ٢٤ أغسطس : القدّيس أثناسيوس
إنّ هذا العالم جيّد جدًا، مثلما كُوِّن ومثلما نراه، لأنَّ الربّ أراده هكذا: لا أحد يستطيع أن يشّك بذلك. فَلَو أنّ الخليقة كانت فاقدة النظام، ولو أن هذا الكون يتطوّر بفوضى، لكُـنَّا شككنا بصدقيّة هذا التأكيد. لكن بما أنَّ الكون قد كُوِّن بحكمة وعلم، وبطريقة عقلانيَّة ومنطقيّة، وبما أنّه قد زُيِّن بكمال الجمال، فإنّ مَن يُشرِف على هذا العمل ومَن نظّمَه لا يمكن يكون سوى كلمة الله أي الرّب يسوع المسيح … وبما أنّه الكلمة الطّيبة لإله الرحمة، فهو مَن هيَّأ نظام الأشياء كلّها، هو مَن جَمَع الأضداد مع الأضداد ليجعلها في تناغم تامّ. فبكونه “قُدرَةُ ٱللهِ وَحِكمَةُ ٱلله”(1كور 1: 24) الذي ينظّم حركة الأرض والكواكب، هو الذي بقدرته الذاتيّة يجعلها تدور بانتظام. فالشمس تضيء الأرض بنورها المُستمَدّ من الرّب، وينال القمر حصّته من نوره. بقدرته، تجتمع المياه في الغيوم فتسقي الأمطار الأرض، ويلزم البحر حدوده، وتكتسي الأرض بالنبات بكل أصنافه (راجع مز 104[103]) إنّ السبب الّذي جعل كلمة الله ينزل نحو الخلائق هو حقّا سببٌ مدهش. إنَّ طبيعة الكائنات المخلوقة هي زائلة، ضعيفة وفانية؛ لكن بما أنّ إله الكون هو بطبيعته صالح وفي غاية الجودة فإنّه يحبُّ البشر… لذلك، حين رأى الله أن الطبيعة المخلوقة تسيل وتذوب، ولكي يتحاشى لها هذا القدر، ولكيلا يعود الكون الى العدم، لم يترك الله هذا الكون ضحيّة تقلّبات طبيعته. فبحنانه وبواسطة كلمته يدير الخليقة ويصونها كي لا تلقى النصيب الذي ينتظرها، أي العدم، بدون حماية الكلمة. “هو صُورَةُ اللهِ الَّذي لا يُرى وبِكْرُ كُلِّ خَليقَة. فيهِ خُلِقَ كُلُّ شَيء، مِمّا في ٱلسَّمَواتِ وَمِمّا في ٱلأَرض، ما يُرى وَما لا يُرى… وَهُوَ رَأسُ ٱلجَسَدِ أَيّ رَأسُ ٱلكَنيسَة” (كول 1: 15 – 16 + 18).
maronite readings – rosary.team