الأربعاء، ٥ يناير : الطوباويّ غيريك ديغني
“أَنا صَوتُ مُنادٍ في البَرِّيَّة: قَوِّموا طَريقَ الرَّبّ”. أيّها الأخوة، وإن كنتم قد قطعتم مسافة كبيرة من هذا الطريق، فأنتم لا تزالون بحاجة إلى إعداده، حتّى تكملوا، من حيث وصلتم، وتسيروا أكثر إلى الأمام وتتوقوا إلى ما هو أبعد وأعمق. وهكذا، مع كلّ خطوة تقومون بها، وبكون الطريق مُعَدٌّ من قِبَلِكُم لمجيئه، يحضر الربّ أمامكم أعظم من أي وقت مضى وبتجدُّدٍ دائم. لهذا صلّى البارُّ قائلاً: “عَلِّمْني يا رَبُّ طَريقَ فَرائِضِكَ فأَحفَظَه إِلى النِّهاية” (مز 119[118]: 33). وندعو هذا الطريق “سَبيلَ الأبد” (مز 139[138]: 24)… لأنّ رحمة الّذي نتقدّم نحوه لا حدود لها. ولهذا أيضًا سيفكّر المُسافِر العاقل والحكيم بأن يبدأ من جديد “ناسيًا ما ورائه” (في 3: 13)، وسيقول كلّ يوم: “اليوم أبدأ”… نحن مَن نتحدّث عن التقدّم على هذا الطريق، فلنُصَلِّ للسماء بأن نكون أقلّه سائرين في الطريق. برأيي، إنّ كلّ مَن بدأ السير في الطريق يكون قد سلك الطريق السويّ. إنّما يجب أن نبدأ بالفعل، أن نجد “سَبيلاً إِلى مَدينةٍ مأهولَة” (مز 107[106]: 4) لأنّ “الَّذينَ يَهتَدونَ إِليهِ قَليلون” (مت 7: 14)، وكثيرون هم الّذين “تاهوا في بَرِّيَّةٍ مُقفِرَة” (مز 107[106]: 4)… وأنت يا ربّ، أنت مَن أعددت لنا الطريق، فيا ليتنا فقط نقرّر الالتزام بهذا الطريق… أنت الّذي، بواسطة شريعتك، علّمتنا طريق إراداتك بقولك: “هذا هو الطَّريق فاسلُكوه إذا يامَنتُم وإذا ياسَرتُم” (إش30: 21). إنّه الطريق الذي وعد به النبيّ: “ويَكونُ هُناكَ مَسلَكٌ وطَريق يُقالُ لَه الطَّريقُ المُقَدَّس لا يَعبُرُ فيه نَجِس بل إِنَّما هو لَهَم. من سَلَكَ هذا الطَّريق، حتَّى الجُهَّال لا يَضِلّ” (إش 35: 8). لم أرَ يومًا جاهلاً تاه باتّباع طريقك يا ربّ؛ “وَيلٌ لِلَّذينَ هم حُكَمَاءُ في أَعيُنِ أَنفُسِهم عُقَلاءُ أَمامَ وُجوهِهم” (إش 5: 21)، لقد أبعدتكم “حكمتكم” عن طريق السلام ومنعتكم من اتّباع “جنون” المخلّص، ذلك “الجنون” المُحَبّب الذي سوف يدعى حكمة في يوم القضاء وهو الّذي يردعنا من أن نتوه عن طريقه.
maronite readings – rosary.team