الاثنين، ٣١ يناير : ثيوفيلاكتُس
طلب التلاميذ بإلحاح من الربّ أن يأكل، أي أنّهم توسّلوا إليه، ليس بطريقة وقحة، إنمّا بدافع حبّهم لربّهم لأنّهم رأوا أنّه تعب من المسير والحرارة المضنية. ولكن إذ عرف أنّ المرأة السامريّة كانت على وشك أن تحضر إليه كافّة سكان المنطقة تقريبًا، وأنّ السامريّين سيؤمنون به، أجاب الربّ: “أَنَا لِي طَعَامٌ آكُلُهُ وأَنْتُم لا تَعْرِفُونَهُ” وهو خلاص البشر. كما أنّني أرغب في هذا الطعام أكثر ممّا ترغبون جميعًا في الطعام المادي. ولكن أنتم يا تلاميذي، لا تعرفون الطعام الذي يجب أن آكله. لأنّكم لا تفهمون بوضوح كلماتي الغامضة ولا يسعكم سبر أغوارها، ولا تعرفون أنّني أدعو خلاص البشر طعامي. بتعبير آخر، “لا تعرفون هذا الطعام” يعني أنّكم لا تعرفون أنّ السامريّين سيؤمنون ويخلصون. ماذا فعل التلاميذ حينئذ؟ بقوا مرتبكين، “فقَالَ بَعضُهُم لِبَعض: هَلْ جَاءَهُ أَحَدٌ بِمَا يَأْكُلُهُ؟” إذ كانوا يخشونه دائمًا، لم يتجرّؤوا على طرح المزيد من الأسئلة عليه. ولكن على الرغم من أنّهم لم يسألوه، كشف الله عن معنى كلماته الغامضة قائلاً: “طَعَامِي أَنْ أَعْمَلَ مَشِيئَةِ مَنْ أَرْسَلَنِي، وأَنْ أُتِمَّ عَمَلَهُ” (مشيئة الله هي خلاص البشر). إنّ الأنبياء والشريعة لم يتمّموا عمل الله لأنّهم كانوا أنفسهم ناقصين وغير كاملين، وكانوا قادرين على أن يكشفوا فقط عن أنواع الأمور الجيّدة الآتية وينذروا بها. ولكنّ الربّ أتمّ عمل الله، الذي هو خلاصنا وتجديدنا. يتبيّن لي أنّ عمل الله يعني أيضًا الإنسان نفسه، وقد أتمّه ابن الله وحده. وقد قام بذلك عبر الكشف عن أنّ طبيعتنا باتت غير خاطئة به، ما إن أظهر كمالها وتمامها في كلّ عمل جيّد بواسطة حياته الإلهيّة في الجسد البشري، متخطّيًا رغبات العالم (في كلّ مرحلة) حتّى النهاية. إنّ الشريعة هي أيضًا عمل الله، بما أنّها كُتبت “بِإِصبَعِ الله” (خر 31: 18؛ تث 9: 10)، وقد أكمل الله الشريعة “فغايَةُ الشَّريعةِ هي المسيح، لِتَبْرير ِكُلِّ مُؤمِن” (رو 10: 4). وعندما تمّت كافّة متطلّبات الشريعة جعلها تتوقّف، محوّلاً العبادة الجسديّة إلى روحيّة.
maronite readings – rosary.team