الثلاثاء، ١٥ نوفمبر : أوريجينُس
“أَنا أَعلَمُ أَنَّكم نَسْلُ إِبراهيم ولكِنَّكُم تُريدونَ قَتْلي لأَنَّ كَلامي لا يَجدُ إِلَيكم سَبيلاً” (يو 8: 37). نستطيع إعطاء تفسير آخر لهذه الآية بناء على نصّها اليوناني: “أنا أعرف أنّكم من سلالة، أو حرفيًا من زرع إبراهيم”. لجعل التفسير أوضح، فلننظر إلى الفرق الموجود بين الزرع المخصّص لتكوين الجسم والطفل. إنّه أمرٌ أكيدٌ أن الزّرع يحتوي على كلّ مكونّات الّذي زَرْعُه، رغم أنّه لا يزال بعد في حالة عدم حركة وراحة. لكن بعد تحوّل هذا الزرع، وعمله الخاصّ على المادّة المقدّمة له من المرأة، يأخذ الطفل بنفسه، من خلال الغذاء الذي يتلقّاه، شكل الذي أنجبه. أمّا بالنسبة إلى الجسم، فكلّ طفل يأتي بالضرورة مِن زَرعٍ، لكن لا يتحوّل كلُّ زَرعٍ إلى طفل… يجب على الذي هو زَرْعُ إبراهيم، أن يصبح أيضًا ابنه ويصبح شبيهًا له. لكن، نتيجة إهماله وعدم حركته، يمكن أن يدمِّر هذا الزرعَ الثمين الذي هو فيه. أمّا بالنسبة إلى الذين كان الربّ يتوجّه إليهم، فلم يكن قد دُمِّرَ بعد كلّ رجاء؛ كان الرّب يسوع يعرف أنّهم لا يزالون زَرْعَ إبراهيم، ولم يفقدوا بعد القدرة على أن يصبحوا أبناء إبراهيم. لذلك قال لهم: “لَو كُنتُم أَبناءَ إِبراهيم، لَعَمِلتُم أَعمالَ إِبراهيم”. لو أرادوا تَرْكَ هذا الزرع الثمين ينمو حتى تطوّره الكامل، لكانوا فهموا كلمة الرّب يسوع… هناك من يكتفي باختيار عمل واحد من أعمال إبراهيم، ذلك الذي يذكره الرسول بهذه الكلمات: “آمن إبراهيم بالله، فحُسِبَ له ذلك برًّا” (غل 3: 6). لكن، إن كان الإيمان هو وحده العمل الضروريّ، كما يَدَّعون، لِمَ لَمْ يَقُل المخلّص في صيغة المفرد: “اعملوا عمل إبراهيم”، لكن في صيغة الجمع: “اعملوا أعمال إبراهيم”؟ معنى هذه الكلمات هو التالي: اعملوا كلّ أعمال إبراهيم، مع أخْذِ حياة إبراهيم في المعنى المجازيّ وأعماله في المعنى الروحيّ.
maronite readings – rosary.team