الثلاثاء، ١٦ أغسطس : القدّيس يوحنّا الذهبيّ الفم
كان ربّنا قادرًا على ضرب الأمثال عن أولئك الأشخاص الذين أظهروا عدم اكتراث بالأمور الأرضية على غرار إيليّا، وموسى، ويوحنّا المعمدان وغيرهم، لكنّه فضّل استعارة التشابيه من العصافير، مقتديًا بالعهد القديم الذي أحال الإنسان إلى النحلة والنملة (راجع أم 6: 6، 8)، وإلى حيوانات أخرى تلقّت من الخالق غرائز خاصة بها… لكنّه ذكر مثل الغربان مفضّلاً إيّاها على العصافير الأخرى، لأنّ العناية الإلهيّة تطعم صغار الغربان بعناية خاصّة. في الواقع، بعد أن يبصر صغار الغربان النور، تتركها الغربان بدون أن تتكبّد عناء إطعامها، فيما يقوم الهواء، بطريقة مدهشة، بإحضار غذائها بواسطة الرياح، فتتلقّاه مباشرة في منقارها المفتوح. لعلّه تكلّم بأسلوب “المجاز” الذي فيه يأخذ الجزء مقام الكلّ. في الواقع، ضرب القدّيس متّى (مت 6) مثل عصافير السماء بشكل عام؛ أمّا لدى القديس لوقا (لو 12)، فقد أعطانا على العكس مثال الغربان، بصفتها أشد طمعًا وشرهًا. لعلّ مثل الغربان تميّز أيضًا بمعنى خاص؛ لأنّ العصافير التي تقتات الحبوب والنباتات، تجد بسهولة أكبر طعامها؛ أمّا الغربان التي تأكل اللحم، فيصعب عليها إيجاد الطعام، ومع ذلك فإنّ هذه الأخيرة لا ينقصها الطعام أبدًا، بفضل العناية الإلهيّة التي تشمل كلّ شيء. ثمّ أثبت الربّ الحقيقة نفسها بواسطة تحليل ثالث: “ومَن مِنكُم يَستطيعُ، إِذ اهتَمَّ، أَن يُضيفَ إِلى حَياتِه مِقدارَ ذِراعٍ واحِدة؟”
maronite readings – rosary.team