الثلاثاء، ١٦ نوفمبر : القدّيس بطرس خريزولوغُس
كان وضع الجابي التعيس، وهو جالسٌ في بيت الجباية، أسوأ من وضع المقعد الذي كلّمتكم عنه سابقًا (مر 2 :1 وما يليه). في حين أن أحد الرجلَين مصاب بشللِ جسدي، فإن الآخر مصاب بشلل نفسي: فالأول يعاني من تشوّه في أعضائه بينما الثاني يعاني من تشوّه كامل في أخلاقه. نرى الرّجل الأول يتألم كونه سجين جسده فيما الرجل الثاني كان جالسًا أيضًا لأن نفسه وجسده مسجونان. وإذا ما كانت آلام المشلول جسديًّا تصيبه رغمًا عنه، فإن الجابي هو من جعل من نفسه، وبملء إرادته، عبدًا للسوء والخطيئة. والجابي، رغم اتهام الكل له بالطمع، كان يرى نفسه بريئًا، في حين أن المقعد، وسط كل جروحاته، كان يعرف نفسه خاطئًا. كان الجابي يزيد أرباحه، الربح تلو الآخر، وكانت كلّها خطايا، في حين كان المقعد يمحي خطاياه بأنين ألمه. لهذا السبب، الكلمات الموجّهة للمقعد هي صحيحة: “يا بُنَيَّ، غُفِرَت لكَ خَطاياك” (مر 2: 5)، لأنه بآلامه، كان يكفّر عن أخطائه. أما للجابي، فقال له الرّب: “اتبعني!”، وكأنه يقول: “ستُصلح حياتك وأنت تتبعني، أنت من فقدت ذاتك وأنت تتبع المال.” قد يتساءل البعض: لماذا نال الجابي، الأكثر ذنبًا على ما يبدو، الهبة الأعظم؟ وأصبح بالتالي رسولًا أيضًا… فهو نال الغفران وحصل على نعمة منح الباقين العفو عن خطاياهم، وأنار الأرض كلها بشعاع نشر الإنجيل؛ بينما المُقعد، بالكاد ظهر لائقًا بنيل الغفران فحسب. أتريد أن تعلم لماذا نال الجابي نعمةً أكبر؟ لأنه، بحسب القديس بولس: ” حَيثُ كَثُرَتِ الخَطيئَةُ فاضَتِ النِّعمَة” (رو 5: 20).
maronite readings – rosary.team